للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَمَنْ يُخَاطِبُونَهُ، وَهُوَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَشَابِهَةِ، فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ يُرِيدُونَ بِهِ الْمَعْنَى الْبَاطِلَ.

وَزَعَمَ كَثِيرٌ مِنَ الْكُفَّارِ أَنَّ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَنِينَ وَبَنَاتٍ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُهُ، وَبَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ يَقُولُونَ: الْعُقُولُ الْعَشَرَةُ هِيَ بَنُوهُ، وَالنُّفُوسُ الْفَلَكِيَّةُ هِيَ بَنَاتُهُ وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْهُ لَازِمَةٌ لِذَاتِهِ، فَجَاءَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْكُتُبِ وَأَكْمَلُهَا بِإِبْطَالِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَمَنْعِ اسْتِعْمَالِ هَذَا اللَّفْظِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَنَزَّهَ اللَّهَ عَنْ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا، كَمَا نَزَّهَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، وَالْأَوَّلُ مِنْ بَابِ تَنْزِيهِهِ عَنِ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمُ الَّذِينَ يُنَزِّهُونَ اللَّهَ وَيُقَدِّسُونَهُ عَنِ الْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِ، بَلْ تُنَافِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنَ الْكَمَالِ فِي أَفْعَالِهِ، كَمَا وَجَبَ لَهُ الْكَمَالُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ لَا يُنَزِّهُ اللَّهَ عَنْ فِعْلٍ مِنَ الْأَفْعَالِ إِلَّا مَا كَانَ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ، فَأَمَّا الْمُمْكِنُ الْمَقْدُورُ فَيَقُولُ: لَا يُعْلَمُ انْتِفَاؤُهُ إِلَّا بِالْخَبَرِ أَوْ بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ الَّتِي يُمْكِنُ انْتِقَاضُهَا، فَهَذَا لَا يَبْقَى مَعَهُ مَا يَنْفِي بِهِ عَنِ اللَّهِ الْأَفْعَالَ الْمَذْمُومَةَ الْقَبِيحَةَ، وَالْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ قَدْ نَزَّهَتِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ، كَمَا نَزَّهَتْهُ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>