الَّتِي هِيَ عِلْمُهُ أَوْ حِكْمَتُهُ ابْنًا، وَسَمَّوْهَا أَيْضًا كَلِمَةً، وَسَمَّوْا صِفَتَهُ الْقَدِيمَةَ الْأَزَلِيَّةَ، الَّتِي هِيَ حَيَاتُهُ رُوحَ الْقُدُسِ، وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لَا تُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا قَطُّ لَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ سَمَّى عِلْمَ اللَّهِ الْقَائِمَ بِهِ ابْنَهُ، بَلْ وَسَمَّى عِلْمَ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ الْقَائِمَ بِهِ ابْنَهُ، وَلَكِنْ لَفْظُ الِابْنِ يُعَبَّرُ بِهِ عَمَّنْ وُلِدَ الْوِلَادَةَ الْمَعْرُوفَةَ، وَيُعَبَّرُ بِهِ عَمَّنْ كَانَ هُوَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ، كَمَا يُقَالُ: ابْنُ السَّبِيلِ، لِمَنْ وَلَدَتْهُ الطَّرِيقُ، فَإِنَّهُ لَمَّا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الطَّرِيقِ جُعِلَ كَأَنَّهُ وَلَدُهُ.
وَيُقَالُ لِبَعْضِ الطَّيْرِ: ابْنُ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ يَجِيءُ مِنْ جِهَةِ الْمَاءِ، وَيُقَالُ: كُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الِابْنَ يَنْتَسِبُ إِلَى أَبِيهِ وَيُحِبُّهُ وَيُضَافُ إِلَيْهِ، أَيْ كُونُوا مِمَنْ يَنْتَسِبُ إِلَى الْآخِرَةِ وَيُحِبُّهَا وَيُضَافُ إِلَيْهَا، وَهَذَا اللَّفْظُ مَوْجُودٌ فِي الْكُتُبِ الَّتِي بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ فِي حَقِّ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَيُرَبِّيِهِمْ، كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ: (أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهُكُمْ) . وَفِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ اللَّهَ قَالَ لِيَعْقُوبَ: (أَنْتَ ابْنِي بِكْرِي) .
وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُرَادُ بِهِ إِذَا كَانَ صَحِيحًا لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَحَبَّةُ لَهُ وَالِاصْطِفَاءُ لَهُ، وَالرَّحْمَةُ لَهُ، وَكَانَ الْمَعْنَى مَفْهُومًا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute