فَلَا تُصَدِّقُونِي ". وَقَالَ: " كَمَا أَنَّ الْأَبَ يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ وَيُمِيتُهُ، كَذَلِكَ الِابْنُ يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ وَيُمِيتُهُ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُحْيِي وَيَخْلُقُ، وَفِي هَذَا تَكْذِيبٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَالِقٍ، وَإِنَّمَا خُلِقَتْ بِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ خَالِقًا لَهُ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ الْأَشْيَاءَ كُوِّنَتْ بِهِ، فَإِنَّمَا كُنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّ الْمَسِيحَ حَيٌّ فَعَالٌ، وَكَانَ قَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ: " إِثْمًا أَفْعَلُ الْخَلْقَ وَالْحَيَاةَ " كَانَ قَوْلُكَ: (بِهِ كُوِّنَتِ الْأَشْيَاءُ) إِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إِلَى أَنَّهُ كَوَّنَهَا فَكَانَتْ بِهِ مُكَوَّنَةً، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَتَنَاقَضَ الْقَوْلَانِ.
قَالَ: وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فَقَالَ: (أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ " أَرِيُوسَ ": إِنَّ الْأَبَ يُرِيدُ الشَّيْءَ فَيُكَوِّنُهُ الِابْنُ، وَالْإِرَادَةُ لِلْأَبِ وَالتَّكْوِينُ لِلِابْنِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَفْسُدُ أَيْضًا إِذْ كَانَ الِابْنُ عِنْدَهُ مَخْلُوقًا فَقَدْ صَارَ حَظُّ الْمَخْلُوقِ فِي الْخَلْقِ أَوْفَى مِنْ حَظِّ الْخَالِقِ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا أَرَادَ وَفَعَلَ، وَذَاكَ أَرَادَ وَلَمْ يَفْعَلْ، فَهَذَا أَوْفَرُ حَظًّا فِي فِعْلِهِ مِنْ ذَاكَ، وَلَا بُدَّ لِهَذَا أَنْ يَكُونَ فِي فِعْلِهِ لِمَا يُرِيدُ ذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ كُلِّ فَاعِلٍ مِنَ الْخَلْقِ لِمَا يُرِيدُ الْخَالِقُ مِنْهُ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فِي الْجَبْرِ وَالِاخْتِيَارِ، فَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute