مَجْهُولًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا فَجَائِزٌ أَنْ يُطَاعَ، وَجَائِزٌ أَنْ يُعْصَى وَجَائِزٌ أَنْ يُثَابَ، وَجَائِزٌ أَنْ يُعَاقَبَ، وَهَذَا أَشْنَعُ فِي الْقَوْلِ.
قَالَ: وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَقَالَ: إِنْ كَانَ الْخَالِقُ إِنَّمَا خَلَقَ خَلْقَهُ بِمَخْلُوقٍ، فَالْمَخْلُوقُ غَيْرُ الْخَالِقِ بِلَا شَكٍّ، فَقَدْ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْخَالِقَ يَفْعَلُ بِغَيْرِهِ، وَالْفَاعِلُ بِغَيْرِهِ مُحْتَاجٌ إِلَى مُتَمِّمٍ لِيَفْعَلَ بِهِ إِذْ كَانَ لَا يَتِمُّ لَهُ الْفِعْلُ إِلَّا بِهِ، وَالْمُحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ مَنْقُوصٌ، وَالْخَالِقُ يَتَعَالَى عَنْ هَذَا كُلِّهِ.
قَالَ: فَلَمَّا دَحَضَ بَطْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ حُجَجَ أُولَئِكَ الْمُخَالِفِينَ وَظَهَرَ لِمَنْ حَضَرَ بُطْلَانَ قَوْلِهِمْ، تَحَيَّرُوا وَخَجِلُوا فَوَثَبُوا عَلَى بَطْرَكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَضَرَبُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُقْتَلَ، فَخَلَّصَهُ مِنْ أَيْدِيهِمُ ابْنُ أُخْتِ " قُسْطَنْطِينَ "، وَهَرَبَ بَطْرَكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ الْمُحْتَجُّ عَلَى أَصْحَابِ " أَرِيُوسَ " وَصَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ أَحَدٍ مِنَ الْأَسَاقِفَةِ، ثُمَّ أَصْلَحَ دُهْنَ الْمَيْرُونِ وَقَدَّسَ الْكَنَائِسَ وَمَسَحَهَا بِدُهْنِ الْمَيْرُونِ، وَسَارَ إِلَى الْمَلِكِ فَأَعْلَمَهُ بِالْخَبَرِ فَصَرَفَهُ الْمَلِكُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute