للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْدَثَاتِ، وَلَا يَنْقَلِبُ الْقَدِيمُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مُحْدَثًا، وَلَا يَسْتَحِيلُ الْقَدِيمُ الرَّبُّ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ الْمُحْدَثُ إِلَى شَيْءٍ ثَالِثٍ.

بَلْ صِفَاتُ الرَّبِّ الَّتِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهَا لَا تَتَبَدَّلُ وَلَا تَنْقَلِبُ وَلَا تَسْتَحِيلُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَسْتَحِيلَ إِلَى أَمْرٍ ثَالِثٍ.

ثُمَّ هَذَا الثَّالِثُ، إِنْ كَانَ قَدِيمًا خَالِقًا، صَارَ هُنَا خَالِقَيْنِ قَدِيمَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مُحْدَثًا، كَانَ الْخَالِقُ قَدْ صَارَ مَخْلُوقًا مُحْدَثًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْتِحَالَةَ الْخَالِقِ إِلَى خَالِقٍ آخَرَ أَوْ إِلَى مَخْلُوقٍ، مُمْتَنِعٌ ظَاهِرُ الِامْتِنَاعِ.

وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا، أَنَّ مَا مَثَّلُوا بِهِ مِنَ الْحَدِيدَةِ الْمُحَمَّاةِ بِالنَّارِ، هِيَ جَوْهَرٌ ثَالِثٌ يَجْرِي عَلَى نَارِهَا مَا يَجْرِي عَلَى حَدِيدِهَا، فَإِذَا طُرِقَتْ، فَالتَّطْرِيقُ وَاقِعٌ عَلَى نَارِهَا كَمَا هُوَ وَاقِعٌ عَلَى حَدِيدِهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا مُدَّتْ، وَكَذَلِكَ إِذَا بُصِقَ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا أُلْقِيَتْ فِي الْمَاءِ.

فَإِنْ كَانَ هَذَا التَّمْثِيلُ مُطَابِقًا، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَا حَلَّ بِالنَّاسُوتِ قَدْ حَلَّ بِاللَّاهُوتِ.

فَيَكُونُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هُوَ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَبُولُ وَيَتَغَوَّطُ، وَهُوَ الَّذِي صُفِعَ عِنْدَهُمْ، وَبُصِقَ فِي وَجْهِهِ، وَجُعِلَ الشَّوْكُ عَلَى رَأْسِهِ، وَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ، وَصُلِبَ وَمَاتَ وَتَأَلَّمَ، كَمَا يُحْكَى مِثْلُ هَذَا عَنِ الْيَعْقُوبِيَّةِ.

وَهَذَا لَازِمٌ لِكُلِّ مَنْ قَالَ بِالِاتِّحَادِ، حَتَّى النُّسْطُورِيَّةِ إِنْ قَالُوا: إِنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>