للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاتِّحَادُ بَاطِلٌ، كَمَا قَدْ قُرِّرَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ لَظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ.

فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ، ظَهَرَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْعَظَمَةِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ. وَلِذَلِكَ كَانَ إِذَا كَلَّمَ مُوسَى يَظْهَرُ آيَاتُ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مُصَاحَبَتِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُوَ مِمَّا ظَهَرَ أَثَرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّحِدًا وَلَا حَالًّا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَمَّا تَجَلَّى مِنْ طُورِ سَيْنَا وَأَشْرَقَ مِنْ " سَاعِيرَ " وَاسْتَعْلَنَ مِنْ جِبَالِ " فَارَانَ " بِمَا أَنْزَلَهُ مِنْ كُتُبِهِ، ظَهَرَ آثَارُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتُهُ مُتَّحِدَةً وَلَا حَالَّةً بِفَارَانَ وَلَا طُورِ سَيْنَا، بِاتِّفَاقِ الْأُمَمِ.

فَكَيْفَ تَكُونُ ذَاتُهُ مُتَّحِدَةً بِمَا فِي بَطْنِ مَرْيَمَ، أَوْ حَالَّةً فِيهِ، وَلَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ؟

وَأَيْضًا فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ يَقُولُ النُّسْطُورِيَّةُ لَهُ: النَّاسُوتُ كَانَ مَسِيحًا مِنْ حِينِ الْحَمْلِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا مُقَدَّسًا، لَا بِمَعْنَى اتِّحَادِ اللَّاهُوتِ بِهِ.

وَإِنْ قَالُوا: الْمَسِيحُ اسْمُ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ جَمِيعًا. فَيُقَالُ: لَيْسَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يَقْتَضِي هَذَا، وَالنُّسْطُورِيَّةُ يُسَلِّمُونَ ذَلِكَ، لَكِنْ قَدْ يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ اسْمٌ لَهُمَا كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ اسْمٌ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ.

ثُمَّ قَدْ يُقَالُ لِجَسَدِ الْإِنْسَانِ الْمَيِّتِ: هَذَا الْإِنْسَانُ، فَيُقَالُ وَهُوَ فِي بَطْنِ مَرْيَمَ أُمِّهِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ: هَذَا الْجَنِينُ وَهَذَا الْحَمْلُ. فَكَذَلِكَ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَسِيحٌ بِدُونِ اللَّاهُوتِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ تَقُولُ النَّسَاطِرَةُ بِاقْتِرَانِ اللَّاهُوتِ مِنْ حِينِ الْحَمْلِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَلَدَتْ إِلَهًا، إِذْ لَمْ يَقُولُوا بِالِاتِّحَادِ، بَلْ قَالُوا: هُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>