للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَزْعُمُوا أَنَّ اللَّاهُوتَ قَدْ كَانَ حَلَّ مَعَ النَّاسُوتِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَنَحْوَهَا مِنْ بَدْءِ الْحَمْلِ مُقِيمًا مَعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ الْجَنِينُ، ثُمَّ وُلِدَا مَعًا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ: إِنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتِ الْمَسِيحَ مِنْ جِهَةِ نَاسُوتِهِ لَا مِنْ جِهَةِ لَاهُوتِهِ.

فَيُقَالُ: قَدْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ وُلِدَ النَّاسُوتُ دُونَ اللَّاهُوتِ، كَمَا يَقُولُ الْمَلَكِيَّةُ: إِنَّهُ صُلِبَ النَّاسُوتُ دُونَ اللَّاهُوتِ.

وَإِنْ كَانَ هَذَا مُتَنَاقِضًا، فَالنَّسَاطِرَةُ أَقَلُّ تَنَاقُضًا ; لِأَنَّ الْمَلَكِيَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّهُمَا شَخْصٌ وَاحِدٌ، أُقْنُومٌ وَاحِدٌ، فَقَدِ اتَّحَدَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.

فَإِذَا جَازَ مَعَ هَذَا أَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالصَّلْبِ وَالْمَوْتِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُمَا جَوْهَرَانِ أُقْنُومَانِ، هُوَ أَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ.

ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالُوا: اتَّحَدَ بِهِ وَهُوَ حَمْلٌ صُورَةٌ تَامَّةٌ.

قُلْنَا لَهُمْ: فَقَدْ كَانَ الْإِلَهُ حَمْلًا قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُحْمَلَ، جَازَ أَنْ يُولَدَ.

فَيُقَالُ: هُمْ لَا يَقُولُونَ بِأَنَّهُمَا صَارَا شَخْصًا وَاحِدًا، أُقْنُومًا وَاحِدًا، بَلْ يَقُولُونَ: جَوْهَرَانِ أُقْنُومَانِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقُولُونَ: حَمَلَتْ بِإِلَهٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>