للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَجْوِيزُ أَحَدِهِمَا وَمَنْعُ الْآخَرِ تَنَاقُضٌ.

وَيُقَالُ لِلْمَلَكِيَّةِ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ اللَّاهُوتَ اتَّحَدَ بِالنَّاسُوتِ عِنْدَ الْحَمْلِ، وَكَانَ مَسِيحًا وَهُوَ مَصْفُوعٌ وَمَصْلُوبٌ وَمَيِّتٌ وَمُتَأَلِّمٌ. وَتَقُولُونَ: هَذَا كَانَ بِالنَّاسُوتِ دُونَ اللَّاهُوتِ، فَهَذَا التَّنَاقُضُ مِنْ جِنْسِ تَنَاقُضِ النَّسَاطِرَةِ.

قَالَ ابْنُ الْبِطْرِيقِ: وَيُقَالُ لِلنَّسَاطِرَةِ أَيْضًا: مَتَى اتَّحَدَتِ الْكَلِمَةُ بِالْإِنْسَانِ؟ أَقَبْلَ الْوِلَادَةِ، أَمْ فِي حَالِ الْوِلَادَةِ؟

فَإِنْ قَالُوا: قَبْلَ الْوِلَادَةِ، قُلْنَا لَهُمْ: قَبْلَ الْوِلَادَةِ، قَبْلَ الْحَمْلِ؟ أَوْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَهُوَ حَمْلٌ؟

فَإِنْ قَالُوا: قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ، فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّهُ اتَّحَدَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِنْسَانًا وَقَبْلَ أَنْ يُصَوَّرَ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَسَدَ قَوْلُ النُّسْطُورِيَّةِ: إِنَّ الْقَدِيمَ اتَّحَدَ بِإِنْسَانٍ جُزْئِيٍّ ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ الْجُزْئِيَّ إِنَّمَا كَانَ إِنْسَانًا جُزْئِيًّا، لَمَّا صَارَ مُصَوَّرًا بَشَرِيًّا.

فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا السُّؤَالُ لَازِمٌ لِلطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالِاتِّحَادِ أَعْظَمَ مِنَ النَّسَاطِرَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: هُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ اتَّحَدَ بِإِنْسَانٍ كُلِّيٍّ، كَانَ هَذَا مِنْ أَفْسَدِ الْأَقَاوِيلِ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ بَشَرٌ مُعَيَّنٌ جُزْئِيٌّ، يَمْنَعُ تَصَوُّرُهُ مِنْ وُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ، لَمْ يَكُنْ إِنْسَانًا كُلِّيًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>