للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاحْتَجَبَتِ الْكَلِمَةُ الْخَالِقَةُ بِإِنْسَانٍ مَخْلُوقٍ، خَلَقَتْهُ لِنَفْسِهَا بِمَسَرَّةِ الْأَبِ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ الْقُدُسِ جَمِيعًا، خَلْقًا جَدِيدًا.

فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخَالِقُ الْعَالَمِ - عِنْدَكُمْ - خَالِقٌ وَاحِدٌ وَهُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ، أَمْ لِلْعَالَمِ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ خَالِقُونَ؟ .

فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْخَالِقَ وَاحِدٌ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ خَالِقُونَ، كَمَا أَنَّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ يُصَرِّحُونَ بِثَلَاثَةِ آلِهَةٍ، وَثَلَاثَةِ خَالِقِينَ، ثُمَّ يَقُولُونَ: إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَخَالِقٌ وَاحِدٌ.

فَيُقَالُ: هَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ، فَإِمَّا هَذَا، وَإِمَّا هَذَا.

وَإِذَا قُلْتُمُ: الْخَالِقُ وَاحِدٌ، لَهُ ثَلَاثُ صِفَاتٍ، لَمْ نُنَازِعْكُمْ فِي أَنَّ الْخَالِقَ لَهُ صِفَاتٌ، لَكِنْ لَا يَخْتَصُّ بِثَلَاثَةٍ.

فَإِنْ قَالُوا بِثَلَاثَةِ آلِهَةٍ خَالِقِينَ، كَمَا قَدْ كَثُرَ مِنْهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ، بَانَ كُفْرُهُمْ وَعَظُمَ شِرْكُهُمْ، وَبَانَ أَنَّ شِرْكَهُمْ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شِرْكٍ فِي الْعَالَمِ، فَغَايَةُ الْمَجُوسِ الثَّنَوِيَّةِ - إِثْبَاتُ اثْنَيْنِ، نُورٍ وَظُلْمَةٍ، وَهَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ ثَلَاثَةً.

ثُمَّ الْأَدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَسَائِرِ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُبَيِّنَةِ لِكَوْنِ الْخَالِقِ وَاحِدًا، كَثِيرَةٌ جِدًّا لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا هُنَا.

وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الْخَالِقَ وَاحِدٌ، لَهُ صِفَاتٌ، قِيلَ لَهُمْ: فَهَذَا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِكُمْ: إِنَّهُ بَعَثَ كَلِمَتَهُ الْخَالِقَةَ، وَقَوْلِكِمْ: (وَلَا كَانَتِ الْكَلِمَةُ بَرِيَّةً مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>