فَكَيْفَ تَقُولُونَ: إِنَّمَا احْتَجَبَتْ بِالرُّوحِ اللَّطِيفَةِ، مَعَ تَصْرِيحِكُمْ بِأَنَّ الْخَالِقَ اخْتَلَطَ بِالْجَسَدِ وَالدَّمِ.
وَهَذَا أَيْضًا يُنَاقِضُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ اتَّحَدَ بِهِ اتِّحَادًا بَرِيًّا مِنَ الِاخْتِلَاطِ.
فَقَدْ صَرَّحْتُمْ هُنَا أَنَّهُ اخْتَلَطَ بِهِ، وَسَيَأْتِي نَظَائِرُ هَذَا فِي كَلَامِهِمْ يُصَرِّحُونَ فِيهِ بِاخْتِلَاطِ اللَّاهُوتِ بِالنَّاسُوتِ.
الْوَجْهُ الثَّانِيَ عَشَرَ: قَوْلُكُمْ: (غَيْرَ قِوَامِ الْكَلِمَةِ الْخَالِقَةِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ التَّثْلِيثِ الْإِلَهِيِّ، فَذَلِكَ الْقِوَامُ مَعْدُودٌ مَعْرُوفٌ مَعَ النَّاسِ، لَمَّا ضُمَّ إِلَيْهِ وَخَلَقَهُ لَهُ الْتَحَمَ بِهِ مِنْ جَوْهَرِ الْإِنْسَانِ، فَهُوَ بِتَوْحِيدِ ذَلِكَ الْقِوَامِ الْوَاحِدِ قِوَامٌ لِكَلِمَةِ اللَّهِ الْخَالِقَةِ وَاحِدٌ فِي التَّثْلِيثِ بِجَوْهَرِ لَاهُوتِهِ، وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ بِجَوْهَرِ نَاسُوتِهِ، وَلَيْسَ بِاثْنَيْنِ، وَلَكِنْ وَاحِدٌ مَعَ الْأَبِ وَالرُّوحِ، وَهُوَ إِيَّاهُ وَاحِدٌ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا بِجَوْهَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، مِنْ جَوْهَرِ اللَّاهُوتِ الْخَالِقِ، وَجَوْهَرِ النَّاسُوتِ الْمَخْلُوقِ، بِتَوْحِيدِ الْقِوَامِ الْوَاحِدِ قِوَامِ الْكَلِمَةِ، الَّتِي هِيَ الِابْنُ الْمَوْلُودُ مِنَ اللَّهِ مِنْ قَبْلِ كُلِّ الدُّهُورِ، وَهُوَ إِيَّاهُ الْمَوْلُودُ مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةٍ مِنَ الْأَبِ، وَلَا مِنْ رُوحِ الْقُدُسِ.
فَيُقَالُ: فِي هَذَا الْكَلَامِ، بَلْ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، مَا يَطُولُ تَعْدَادُهُ وَوَصْفُهُ مِنَ التَّنَاقُضِ وَالْفَسَادِ، وَالْكَلَامِ الْبَاطِلِ، وَالْكَلَامِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ قَائِلُهُ، وَهُوَ لَا يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ مَعَ سُوءِ التَّعْبِيرِ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ: (وَهُوَ إِيَّاهُ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute