هُوَ إِيَّاهُ، فَلَا تَعَدُّدَ، فَلِهَذَا يُضْطَرُّونَ إِلَى التَّنَاقُضِ كَمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ النَّصَارَى، حَيْثُ يُثْبِتُونَ الْوَحْدَةَ مَعَ الْكَثْرَةِ، وَيُنْشِدُونَ: (فَيَعْبُدُنِي وَأَعْبُدُهُ وَيَحْمَدُنِي وَأَحْمَدُهُ) . وَهَؤُلَاءِ بَنَوْا قَوْلَهُمْ عَلَى أَصْلَيْنِ فَاسِدَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَعْيَانَ الْمُمْكِنَاتِ ثَابِتَةٌ فِي الْعَدَمِ، كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ: إِنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ ثَابِتٌ فِي الْعَدَمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ فَاسِدٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ.
وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْأَمْرِ، أَنَّ الْمَعْدُومَ يُرَادُ إِيجَادُهُ وَيُتَصَوَّرُ، وَيُخْبَرُ بِهِ، وَيُكْتَبُ قَبْلَ وُجُودِهِ، فَلَهُ وُجُودٌ فِي الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ وَالْخَطِّ، وَأَمَّا فِي الْخَارِجِ فَلَا وُجُودَ لَهُ.
وَالْوُجُودُ هُوَ الثُّبُوتُ، فَلَا ثُبُوتَ لَهُ فِي الْوُجُودِ الْعَيْنِيِّ الْخَارِجِيِّ، وَإِنَّمَا ثُبُوتُهُ فِي الْعِلْمِ ; أَيْ يَعْلَمُهُ الْعَالِمُ قَبْلَ وُجُودِهِ.
وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ جَعَلُوا نَفْسَ وُجُودِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْخَالِقِ الْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ الْوَاجِبِ بِنَفْسِهِ، هُوَ نَفْسُ وُجُودِ الْمَرْبُوبِ الْمَصْنُوعِ الْمُمْكِنِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ: وَمَنْ عَرَفَ مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْأَعْدَادِ، وَأَنَّ نَفْيَهَا عَيْنُ إِثْبَاتِهَا، عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ الْمُنَزَّهَ هُوَ الْخَلْقُ الْمُشَبَّهُ. فَالْأَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute