للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْخَالِقِ هُوَ الْمَخْلُوقُ، وَالْأَمْرُ الْمَخْلُوقُ هُوَ الْخَالِقُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، لَا بَلْ هُوَ الْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ، وَهُوَ الْعُيُونُ الْكَثِيرَةُ، وَهُوَ: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) . إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا ذَبَحَ سِوَى نَفْسَهُ: وَمَا نَكَحَ سِوَى نَفْسَهُ.

وَقَالَ: وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْعَلِيُّ، عَلَى مَنْ يَكُونُ عَلِيًّا، وَمَا هُوَ إِلَّا هُوَ؟ أَوْ عَنْ مَاذَا يَكُونُ عَلِيًّا، وَمَا ثَمَّ إِلَّا هُوَ؟ فَعُلُوُّهُ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ عَيْنُ الْمَوْجُودَاتِ، فَالْمُسَمَّى مُحْدَثَاتٍ هِيَ الْعَلِيَّةُ لِذَاتِهَا وَلَيْسَتْ إِلَّا هُوَ.

وَقَدْ نُقِلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخَرَّازِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: بِمَاذَا عَرَفْتَ رَبَّكَ؟

قَالَ: بِجَمْعِهِ بَيْنَ الْأَضْدَادِ، وَقَرَأَ قَوْلَهُ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: ٣] .

أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُجْتَمِعٌ فِي حَقِّهِ - سُبْحَانَهُ - مَا يَتَضَادُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَكُونُ أَوَّلًا آخِرًا بَاطِنًا ظَاهِرًا.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ( «أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>