للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٌ» ) ، فَجَاءَ هَذَا الْمُلْحِدُ وَفَسَّرَ قَوْلَ أَبِي سَعِيدٍ بِأَنَّ الْمَخْلُوقَ هُوَ الْخَالِقُ، فَقَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ، وَهُوَ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْحَقِّ، وَلِسَانٌ مِنْ أَلْسِنَتِهِ، يَنْطِقُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِجَمْعِهِ بَيْنَ الْأَضْدَادِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِهَا، فَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، فَهُوَ عَيْنُ مَا ظَهَرَ وَهُوَ عَيْنُ مَا بَطَنَ فِي حَالِ ظُهُورِهِ، وَمَا ثَمَّ مَنْ يَرَاهُ غَيْرُهُ، وَمَا ثَمَّ مَنْ بَاطِنٌ عَنْهُ سِوَاهُ، فَهُوَ ظَاهِرٌ لِنَفْسِهِ بَاطِنٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمُحْدَثَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ النَّصَارَى لِمَنْ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا وَيَحْكِيهِ عَنْ شُيُوخِهِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ مُسْلِمٌ (أَنْتُمْ كَفَّرْتُمُونَا لِأَجْلِ أَنْ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ، وَشُيُوخُكُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ، وَالْمَسِيحُ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ) .

وَهَؤُلَاءِ يُجِيبُونَ النَّصَارَى بِجَوَابٍ يَتَبَيَّنُ بِهِ أَنَّهُمْ أَعْظَمُ إِلْحَادًا مِنَ النَّصَارَى.

فَيَقُولُونَ لِلنَّصَارَى: (أَنْتُمْ خَصَّصْتُمُوهُ بِالْمَسِيحِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: هُوَ وُجُودُ كُلِّ شَيْءٍ، لَا نَخُصُّ الْمَسِيحَ.

وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِأَحْذَقِ هَؤُلَاءِ " التِّلْمِسَانِيِّ " الْمُلَقَّبِ بِالْعَفِيفِ: أَنْتَ نُصَيْرِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>