للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوْصُوفَ وَأَنَّ جُزْءَ الشَّيْءِ لَا يَخْلُقُ الشَّيْءَ، بَلْ جُزْءُ الشَّيْءِ جُزْءٌ مِنَ الشَّيْءِ.

فَإِذَا كَانَ هُوَ الْخَالِقُ لِلْجُمْلَةِ، كَانَ خَالِقًا لِنَفْسِهِ، وَكَانَ بَعْضُ الشَّيْءِ خَالِقًا لِكُلِّهِ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الرَّبَّ فِي الْعَالَمِ كَالزُّبْدِ فِي اللَّبَنِ، وَالدُّهْنِ فِي السِّمْسِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَجْعَلُونَهُ جُزْءًا مِنَ الْعَالَمِ الْمَخْلُوقِ. وَنَفْسُ تَصَوُّرِ هَذَا يَكْفِي فِي الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ.

لَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لِمَنْ تَبِعَهُمْ: إِنْ لَمْ تَتْرُكِ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ، لَمْ يَحْصُلْ لَكَ التَّحْقِيقُ وَالتَّجَلِّي الَّذِي حَصَلَ لَنَا. وَيَقُولُونَ: ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي الْكَشْفِ مَا يُنَاقِضُ صَرِيحَ الْعَقْلِ.

فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ - أَكْمَلُ النَّاسِ كَشْفًا، وَهُمْ يُخْبِرُونَ بِمَا يَعْجِزُ عُقُولُ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ، لَا بِمَا يُعْرَفُ فِي عُقُولِهِمْ أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَيُخْبِرُونَ بِمُحَارَاتِ الْعُقُولِ لَا بِمُحَالَاتِ الْعُقُولِ.

فَمَنْ دُونَهُمْ إِذَا أَخْبَرَ عَنْ شُهُودٍ وَكَشْفٍ، يُعْلَمُ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ بُطْلَانُهُ - عُلِمَ أَنَّ كَشْفَهُ بَاطِلٌ.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ لَمْ يُعْلَمْ بُطْلَانَهُ، فَهَذَا قَدْ يُمْكِنُ فِيهِ إِصَابَتُهُ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>