يُمْكِنُ خَطَؤُهُ ; لِأَنَّ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ.
وَهَؤُلَاءِ سَمِعُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَقَصَدُوا عِبَادَتَهُ وَمَعْرِفَتَهُ، فَوَقَفُوا عَلَى أَثَرِهِ فِي مَصْنُوعَاتِهِ، فَظَنُّوا أَنَّهُ هُوَ كَمَنْ سَمِعَ بِالشَّمْسِ، فَلَمَّا أَنْ رَأَى الشُّعَاعَ الْمُنْبَسِطَ فِي الْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ، ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الشَّمْسُ، وَلَمْ يُصْعِدْ بَصَرَهُ وَبَصِيرَتَهُ إِلَى الشَّمْسِ الَّتِي فِي السَّمَاءِ.
وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ لَمْ تَصْمُدْ بَصَائِرُ قُلُوبِهِمْ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ الْمُبَايِنِ لِمَخْلُوقَاتِهِ.
وَسِرُّ ذَلِكَ، أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِقُلُوبِهِمْ وُجُودًا مُطْلَقًا بَسِيطًا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ، كَالْحَيِّ وَالْعَلِيمِ وَالْقَدِيرِ. وَلَا لَهُ صِفَةٌ، وَلَا يَتَمَيَّزُ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَهَذَا هُوَ الْوُجُودُ الْمُشْتَرَكُ.
لَكِنَّ هَذَا الشُّهُودَ هُوَ فِي نُفُوسِهِمْ، لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، وَكَثِيرٌ مِمَّنْ يُخَاطِبُهُمْ لَا يَتَصَوَّرُ مَا يَشْهَدُونَهُ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَا شَهِدُوهُ.
وَقَدْ خَاطَبْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَبَيَّنْتُ لَهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يَشْهَدُونَهُ هُوَ فِي الذِّهْنِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ، فَهُوَ صِفَةٌ لِلْمَوْجُودَاتِ، أَوْ جُزْءٌ مِنْهَا، وَيَظُنُّونَ مَعَ ظَنِّهِمْ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ، أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الْخَارِجِ غَيْرُ مَا شَهِدُوهُ، فَإِنَّهُمْ يَغِيبُونَ عَنِ الْحِسِّ الَّذِي يُدْرِكُ الْمُعَيَّنَاتِ، وَيُغَيِّبُونَ عُقُولَهُمْ عَنْ تَصَوُّرِهَا، حَتَّى لَا يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَوْجُودٍ وَمَوْجُودٍ، وَيَقُولُونَ: الْحِسُّ فِيهِ تَفْرِقَةٌ، ثُمَّ يَشْهَدُونَ هَذَا الْوُجُودَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute