للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطْلَقَ مَعَ عَزْلِهِمُ الْحِسَّ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا الْمُطْلَقَ هُوَ نَفْسُ الْمُعَيَّنَاتِ، وَأَنَّهُ مَا بَقِيَ مَوْجُودًا أَصْلًا.

فَيُقَالُ لَهُمْ: لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْوُجُودَ الْكُلِّيَّ ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ كُلِّيًّا، وَأَنَّكُمْ شَهِدْتُمْ ذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ وُجُودَ الْكُلِّيِّ الْمُشْتَرَكِ لَا يُنَاقِضُ وُجُودَ الْمُعَيَّنِ الْمُخْتَصِّ.

فَالْحَيَوَانِيَّةُ وَالْإِنْسَانِيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ الْمُطْلَقَةُ، لَا تُنَاقِضُ أَعْيَانَ الْحَيَوَانِ وَأَعْيَانَ الْإِنْسَانِ، وَحِينَئِذٍ فَثُبُوتُ أَعْيَانِ الْمَوْجُودَاتِ حَاصِلٌ فِي الْخَارِجِ.

وَهَبْ أَنَّكُمْ غِبْتُمْ عَنْ هَذَا وَلَمْ تَشْهَدُوهُ، فَالْغَيْبَةُ عَنْ شُهُودِ الشَّيْءِ لَا يُوجِبُ عَدَمَهُ فِي نَفْسِهِ.

فَإِذَا لَمْ يَشْهَدِ الْعَبْدُ الشَّيْءَ، أَوْ لَمْ يُرِدْهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ، أَوْ لَمْ يَخْطُرْ بِقَلْبِهِ، أَوْ فَنِيَ عَنْ شُهُودِهِ، أَوِ اصْطُلِمَ، أَوْ غَابَ، لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ صَارَ فِي نَفْسِهِ مَعْدُومًا فَانِيًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، بَلِ الْفَرْقُ ثَابِتٌ بَيْنَ أَنْ يُعْدَمَ الشَّيْءُ فِي نَفْسِهِ وَيَفْنَى وَيَتَلَاشَى، وَبَيْنَ أَنْ يُعْدَمَ شُهُودُ الْإِنْسَانِ لَهُ وَذِكْرُهُ وَمَعْرِفَتُهُ.

وَهَؤُلَاءِ - مِنْ ضَلَالِهِمْ - يَظُنُّونَ أَنَّهُ إِذَا فَنِيَ شُهُودُهُمْ لِلْمَوْجُودَاتِ، كَانَتْ فَانِيَةً فِي أَنْفُسِهَا، فَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>