للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّهُورِ وَتَقُولُونَ - مَعَ هَذَا -: هِيَ إِلَهٌ.

وَهَذَا كَمَا أَنَّ بُطْلَانَهُ مَعْلُومٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ، فَهِيَ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ فِي الشَّرْعِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ ابْنًا لَهُ، وَلَا قَالَ: إِنَّ صِفَتَهُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْهُ. وَلَفْظُ الِابْنِ لَا يُوجَدُ عِنْدَكُمْ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا اسْمًا لِنَاسُوتٍ مَخْلُوقٍ، لَا لِصِفَةِ اللَّهِ الْقَدِيمَةِ، فَقَدْ بَدَّلْتُمْ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ بِهَذَا الِافْتِرَاءِ.

الرَّابِعُ: قَوْلُكُمْ: (مَوْلُودَةٌ مِنْ عَقْلِهِ) ، إِنْ أَرَدْتُمْ (بِعَقْلِهِ) الْعَيْنَ الْقَائِمَةَ بِنَفْسِهَا الَّتِي يُسَمِّيهَا قَلْبًا وَرُوحًا وَنَفْسًا، أَوْ نَفْسًا نَاطِقَةً، فَتِلْكَ إِنَّمَا تَقُومُ بِهَا الْمَعَانِي، وَأَمَّا الْأَلْفَاظُ فَإِنَّمَا تَقُومُ بِفَمِهِ وَلِسَانِهِ.

وَإِنْ أَرَدْتُمْ (بِعَقْلِهِ) مَصْدَرَ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا، فَالْمَصْدَرُ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْعَقْلِ، وَهُوَ عَرَضٌ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ وَالْكَلِمَةِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْعَقْلِ الْغَرِيزَةَ الَّتِي فِي الْإِنْسَانِ، فَهُوَ أَيْضًا عَرَضٌ.

الْخَامِسُ: أَنَّ تَسْمِيَتَكُمْ تَكَلُّمَ الْإِنْسَانِ بِالْمَعْنَى أَوِ اللَّفْظِ تَوَلُّدًا، أَمْرٌ اخْتَرَعْتُمُوهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ، وَلَا فِي لُغَةٍ مِنَ اللُّغَاتِ.

وَإِنَّمَا ابْتَدَعْتُمْ هَذَا لِتَقُولُوا: إِذَا كَانَ كَلَامُ الْإِنْسَانِ مُتَوَلِّدًا مِنْهُ، فَكَلَامُ اللَّهِ مُتَوَلِّدٌ مِنْهُ.

وَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَلَا أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَا أَنَّ عِلْمَهُ تَوَلَّدَ مِنْهُ، وَلَا أَنَّهُ ابْنُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>