للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رُؤْيَةِ الْوَجْهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالرُّؤْيَةِ، وَكَانَ الْقِرْطَاسُ وَاسِطَةً فِي مَعْرِفَةِ الْكَلَامِ، فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالرُّؤْيَةِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ حَاسَّةَ الْبَصَرِ بَاشَرَتْ مَا فِي الْمِرْآةِ مِنَ الشُّعَاعِ الْمُنْعَكِسِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِالرُّؤْيَةِ هُوَ الشَّمْسُ، وَحَاسَّةُ الْبَصَرِ بَاشَرَتْ مَا فِي الْقِرْطَاسِ مِنَ الْمِدَادِ الْمَكْتُوبِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِالرُّؤْيَةِ هُوَ الْكَلَامُ الْمَكْتُوبُ.

وَيَعْلَمُونَ أَنَّ نَفْسَ الْمِثَالِ الَّذِي فِي الْمِرْآةِ لَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ، وَأَنَّ نَفْسَ الْمِدَادِ الْمَكْتُوبِ بِهِ لَيْسَ هُوَ الْكَلَامُ الْمَكْتُوبُ، بَلْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: ١٠٩]

فَفَرَّقَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْكَلِمَاتِ وَبَيْنَ الْمِدَادِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ الْكَلِمَاتُ.

فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا هُوَ هَذَا، وَإِنَّ الْكَلِمَةَ فِي الْقِرْطَاسِ كُلَّهَا، وَهِيَ فِي الْمُتَكَلِّمِ كُلُّهَا؟

الثَّامِنُ: أَنَّ الْكَلَامَ لَهُ مَعْنًى فِي الْمُتَكَلِّمِ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظِهِ، وَاللَّفْظَ يُكْتَبُ فِي الْقِرْطَاسِ، فَالْمَكْتُوبُ فِي الْقِرْطَاسِ هُوَ اللَّفْظُ الْمُطَابِقُ لِلْمَعْنَى، لَا يُكْتَبُ الْمَعْنَى بِدُونِ كِتَابَةِ اللَّفْظِ الَّذِي كُتِبَ بِالْخَطِّ ; لِيُعْرَفَ مَا كُتِبَ.

فَدَعْوَى هَؤُلَاءِ أَنَّ نَفْسَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْقَلْبِ كُلَّهُ، هُوَ فِي الْقِرْطَاسِ كُلُّهُ - جَعْلٌ لِنَفْسِ الْمَعْنَى هُوَ الْخَطُّ، وَهَذَا بَاطِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>