للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّاسِعُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ كَلَامَ الْمُتَكَلِّمِ يُقَالُ: إِنَّهُ قَائِمٌ بِهِ.

وَيُقَالُ - مَعَ ذَلِكَ -: إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الْقِرْطَاسِ، وَيُقَالُ: هَذَا هُوَ كَلَامُ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا هُوَ ذَاكَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ فِي الْقِرْطَاسِ هُوَ هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ بِعَيْنِهِ، لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ، لَمْ يُكْتَبْ كَلَامٌ غَيْرُهُ.

وَلَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْخَطِّ نَفْسُ الصَّوْتِ، أَوْ نَفْسُ الْمَعْنَى، فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ.

فَإِنْ قِيلَ: فَفِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ الْقَدِيمَ الْأَزَلِيَّ، أَوْ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، هُوَ حَالٌّ فِي الصُّدُورِ وَالْمَصَاحِفِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةٍ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ يُسْمَعُ مِنَ الْإِنْسَانِ الصَّوْتُ الْقَدِيمُ، أَوِ الصَّوْتُ الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَرْفَ الْقَدِيمَ أَوِ الَّذِي لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، هُوَ فِي الْقِرْطَاسِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الْمِدَادِ.

وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْقَدِيمَ حَلَّ فِي الْمُصْحَفِ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

فَتَقُولُ النَّصَارَى: نَحْنُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ.

قِيلَ: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ بَيَانُ الْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>