للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ

-: هَذَا كَلَامُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

فَإِنَّا نُشِيرُ إِلَى نَفْسِ الْكَلَامِ مَعَانِيهِ وَنَظْمِهِ وَحُرُوفِهِ، لَا إِلَى مَا يَخْتَصُّ بِالْمُبَلِّغِ مِنْ حَرَكَتِهِ وَصَوْتِهِ، بَلْ وَلَا صَوْتِ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ وَفِعْلِهِ.

فَإِنَّ كَوْنَ الْحَيِّ مُتَحَرِّكًا أَوْ مُصَوِّتًا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاطِقِ وَالْأَعْجَمِ، وَلَيْسَ هَذَا صِفَةٌ لَهُ.

وَالْكَلَامُ الَّذِي يَتَمَيَّزُ بِهِ النَّاطِقُ عَنِ الْأَعْجَمِ، إِنَّمَا يَتَمَيَّزُ بِالْمَعَانِي الْقَائِمَةِ بِهِ، وَبِاللَّفْظِ الْمُطَابِقِ لَهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمَنْظُومَةِ بِالْأَصْوَاتِ الْمُقَطَّعَةِ.

وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلَامِ، لَا الْمُبَلَّغُ عَنْهُ، فَلَيْسَ لِلْمُبَلِّغِ إِلَّا تَأْدِيَةُ ذَلِكَ.

وَلِهَذَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ لَشِعْرِ لَبِيَدٍ:

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ

فَقَالَ: هَذَا شِعْرِي أَوْ كَلَامِي لِكَوْنِهِ أَنْشَدَهُ بِصَوْتِهِ، لَكَذَّبَهُ النَّاسُ.

وَلَوْ قَالَ: هَذَا الَّذِي أَقُولُهُ مِثْلُ شِعْرِ لَبِيَدٍ، لَكَذَّبَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: بَلْ هُوَ شِعْرُهُ نَفْسِهِ، وَلَكِنْ أَدَّيْتَهُ بِصَوْتِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>