للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ قَائِلٌ قَوْلًا نَظْمًا أَوْ نَثْرًا، وَقَالَ آخَرُ مِثْلَهُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِ فُلَانٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: ١١٨] وَقَالَ عَنِ الْقُرْآنِ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: ٨٨] وَلِهَذَا لَوْ قَالَ قَارِئٌ: أَنَا آتِي بِقُرْآنٍ مِثْلَ قُرْآنِ مُحَمَّدٍ، وَتَلَاهُ نَفْسَهُ وَقَالَ: هَذَا مِثْلُهُ، لَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ وَضَحِكُوا مِنْهُ وَقَالُوا: هَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي جَاءَ بِهِ هُوَ، لَيْسَ هُوَ كَلَامٌ آخَرُ مُمَاثِلٌ لَهُ.

فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ الَّذِي بَلَّغَهُ الرَّسُولُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ هُوَ بِكَلَامِ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مِثْلٌ لَهُ، أَوْ حِكَايَةٌ عَنْهُ، أَوْ عِبَارَةٌ.

وَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا إِنَّمَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ - سُبْحَانَهُ - لَمْ يَخْلُقْهُ بَائِنًا عَنْهُ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِمَا هُوَ كَلَامُهُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ.

فَإِذَا قِيلَ عَمَّا يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَالْمَخْلُوقُ بَائِنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>