عَنِ اللَّهِ، لَيْسَ هُوَ كَلَامُهُ، فَقَدْ جُعِلَ مَخْلُوقًا، لَيْسَ هُوَ بِكَلَامِ اللَّهِ، فَصَارَ الْأَئِمَّةُ يَقُولُونَ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ وَهَذَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَا يُشِيرُونَ بِذَلِكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ، بَلْ إِلَى كَلَامِ اللَّهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عَنْهُ رَسُولُهُ.
وَالْمُبَلِّغُ إِنَّمَا بَلَّغَهُ بِصِفَاتِ نَفْسِهِ، وَالْإِشَارَةُ فِي مِثْلِ هَذَا يُرَادُ بِهَا الْكَلَامُ الْمُبَلَّغُ، لَا يُرَادُ بِهَا مَا بِهِ وَقَعَ التَّبْلِيغُ.
وَقَدْ يُرَادُ بِهَذَا، الثَّانِي، مَعَ التَّقْيِيدِ كَمَا فِي مِثْلِ الِاسْمِ إِذَا قِيلَ: عَبَدْتُ اللَّهَ وَدَعَوْتُ اللَّهَ، فَلَيْسَ الْمُرَادَ أَنَّ الْمَعْبُودَ الْمَدْعُوَّ، هُوَ الِاسْمُ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ، بَلِ الْمَعْبُودُ الْمَدْعُوُّ هُوَ الْمُسَمَّى بِاللَّفْظِ، فَصَارَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: الِاسْمُ هُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى، حَتَّى قِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أَقُولُ: دَعَوْتُ اللَّهَ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ هَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: دَعَوْتُ الْمُسَمَّى بِاللَّهِ، وَظَنَّ هَذَا الْغَالِطُ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، فَالْمُرَادُ دَعَوْتُ هَذَا اللَّفْظَ، وَمِثْلُ هَذَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ الثَّانِي.
فَمَا مِنْ شَيْءٍ عُبِّرَ عَنْهُ بِاسْمٍ، إِلَّا وَالْمُرَادُ بِالِاسْمِ هُوَ الْمُسَمَّى، فَإِنَّ الْأَسْمَاءَ لَمْ تُذْكَرْ إِلَّا لِبَيَانِ الْمُسَمَّيَاتِ، لَا أَنَّ الِاسْمَ نَفْسَهُ هُوَ ذَاتُ الْمُسَمَّى.
فَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْقَلْبِ هُوَ عَيْنُ الْمُسَمَّى، فَغَلَطُهُ وَاضِحٌ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْمِ فِي مِثْلِ قَوْلِكَ: دَعَوْتُ اللَّهَ، وَعَبَدْتُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute