للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ نَفْسُ اللَّفْظِ، فَغَلَطُهُ وَاضِحٌ، وَلَكِنِ اشْتَبَهَ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ مَا يُرَادُ بِالِاسْمِ وَنَفْسِ اللَّفْظِ.

كَذَلِكَ أُولَئِكَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ نَفْسُ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ بِلَفْظِ الْمُبَلِّغِ وَكِتَابَتِهِ بِنَفْسِ صَوْتِ الْمُبَلِّغِ وَمِدَادِهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُقَلَاءِ.

وَإِذَا كَتَبَ كَاتِبٌ اسْمَ اللَّهِ فِي وَرَقَةٍ، وَنَطَقَ بِاسْمِ اللَّهِ فِي خِطَابِهِ، وَقَالَ قَائِلٌ: أَنَا كَافِرٌ بِهَذَا وَمُؤْمِنٌ بِهَذَا، كَانَ مَفْهُومَ كَلَامِهِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ أَوْ كَافِرٌ بِالْمُسَمَّى الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ وَالْخَطِّ، لَا أَنَّهُ يُؤْمِنُ وَيَكْفُرُ بِصَوْتٍ أَوْ مِدَادٍ.

فَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ لِمَا يَسْمَعُهُ مِنَ الْقُرَّاءِ وَلِمَا يُكْتَبُ فِي الْمَصَاحِفِ: إِنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ.

أَوْ قَالَ لِمَا يَسْمَعُ مِنْ جَمِيعِ الْمُبَلِّغِينَ لِكَلَامِ غَيْرِهِمْ، وَلِمَا يُوجَدُ فِي الْكُتُبِ: هَذَا كَلَامُ زَيْدٍ، فَلَيْسَ مُرَادُهُمْ ذَلِكَ الصَّوْتَ وَالْمِدَادَ، إِنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ الَّذِي بَلَّغَهُ زَيْدٌ بِصَوْتِهِ وَكُتِبَ فِي الْقِرْطَاسِ بِالْمِدَادِ.

فَإِذَا قِيلَ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ.

وَمَنْ قَصَدَ نَفْسَ الصَّوْتِ أَوِ الْمِدَادِ وَقَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ أَصَابَ، كَمَا أَنَّ مَنْ قَصَدَ نَفْسَ الصَّوْتِ أَوِ الْخَطِّ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ أَصَابَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ مُرَادَهُ بِلَفْظٍ لَا لَبْسَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>