للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِهَذَا كَانَ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ اللَّفْظَ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ، أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَيَقُولُونَ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ هُنَا، فَقَدْ يَقُولُونَ: لَيْسَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ عَنِ الرَّسُولِ، وَخِلَافُ مَا يُعْلَمُ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ.

فَإِنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ - بِعُقُولِهِمْ - أَنَّ مَنْ بَلَّغَ كَلَامَ غَيْرِهِ فَالْكَلَامُ كَلَامُ الْمُبَلَّغِ عَنْهُ الَّذِي قَالَهُ مُبْتَدِيًا آمِرًا بِأَمْرِهِ مُخْبِرًا بِخَبَرِهِ، لَا كَلَامُ مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا عَنْهُ مُؤَدِّيًا.

وَلِهَذَا «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي الْمَوَاسِمِ: (أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي) » رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، عَنْ جَابِرٍ.

وَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ١]

<<  <  ج: ص:  >  >>