للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَعَلَ هَذَا تَارَةً اخْتِلَاطًا، وَتَارَةً يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ اخْتِلَاطًا - أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ - أَوَّلًا - قَدْ يَجْعَلُ هَذَا الْحُلُولَ وَالِالْتِحَامَ اخْتِلَاطًا، وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِحَالَةٌ وَلَا تَغَيُّرٌ، وَيَقُولُ: الِاسْتِحَالَةُ وَالتَّغْيِيرُ إِنَّمَا يَلْزَمُ الْخُلْطَةَ، إِذَا كَانَتْ مِنْ خَلْقَيْنِ غَلِيظَيْنِ، كَالْمَاءِ وَالْخَمْرِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مِنْ لَطِيفٍ وَكَثِيفٍ، لَمْ يُخَالِطْ تِلْكَ الْخُلْطَةَ تَغَيُّرٌ وَلَا احْتِيَالٌ - أَيِ اسْتِحَالَةٌ - وَيَقُولُ: وَالْخُلْطَةُ تَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: ثُمَّ يَقُولُ: أَحَدُهُمَا كَالْخَمْرِ وَالْمَاءِ، وَالثَّانِي كَالزَّيْتِ وَالْمَاءِ، وَالْكَتَّانِ وَالْقَزِّ، ثُمَّ يَقُولُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى خُلْطَةً مَعَ افْتِرَاقِ الطَّبِيعَتَيْنِ، فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْخُلْطَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى خُلْطَةً.

وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الْمُنَازَعَاتِ اللَّفْظِيَّةَ، بَلْ يَقُولُ: دَعْوَاهُ أَنَّ أَحَدَ نَوْعَيِ الِاخْتِلَاطِ يَكُونُ عَنْ تَغَيُّرٍ وَاسْتِحَالَةٍ، بِخِلَافِ النَّوْعِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ اخْتِلَاطٌ لَطِيفٌ وَغَلِيظٌ - دَعْوَى مَمْنُوعَةٌ، وَلَمْ يُقِمْ عَلَيْهَا دَلِيلًا، بَلْ يَقُولُ: هِيَ بَاطِلَةٌ، بَلْ لَا يَكُونُ الِاخْتِلَاطُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إِلَّا مَعَ تَغَيُّرٍ وَاسْتِحَالَةٍ.

وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْأَمْثَالِ وَالشَّوَاهِدِ، فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ ; لِقَوْلِهِ: (فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخُلْطَةُ مِنْ خَلْقٍ لَطِيفٍ وَخَلْقٍ غَلِيظٍ، لَمْ يُخَالِطْ تِلْكَ الْخُلْطَةَ تَغَيُّرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>