للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ انْتَشَرَتِ النَّارُ فِي جَمِيعِ الْحَدِيدَةِ، وَلَبِسَتْهَا، وَأَنَالَتِ النَّارُ الْحَدِيدَةَ مِنْ قِوَامِهَا وَقُوَّتِهَا حَتَّى أَنَارَتِ الْحَدِيدَةُ وَأُحْرِقَتْ، وَلَمْ تَنَلِ النَّارُ مِنْ ضَعْفِ الْحَدِيدَةِ شَيْئًا مِنَ السَّوَادِ وَلَا الْبُرُودَةِ.

فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنَ الْخُلْطَةِ دَبَّرَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ الْخَالِقَةُ خُلْطَتَهَا لِلطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ.

فَهُوَ مَسِيحٌ وَاحِدٌ ابْنُ اللَّهِ الْوَحِيدِ الْمَوْلُودِ مِنَ الْأَبِ قَبْلَ الْأَدْهَارِ كُلِّهَا، نُورٌ مِنْ نُورٍ، إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، مَوْلُودٌ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ مِنْ سُوسِ أَبِيهِ وَجَوْهَرِهِ وَطَبِيعَتِهِ، وَهُوَ إِيَّاهُ مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْمَوْلُودِ مِنْهَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِقِوَامٍ وَاحِدٍ، قِوَامِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ الْجَامِعِ لِلطَّبِيعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي لَمْ تَزَلْ فِي الْبَدْءِ قَبْلَ كُلِّ بَدْءٍ، وَالنَّاسِيَّةِ الَّتِي كُوِّنَتْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ الْمُقَوَّمِ بِالْقِوَامِ الْأَزَلِيِّ.

فَهُوَ مَسِيحٌ وَاحِدٌ بِقِوَامٍ وَاحِدٍ أَزَلِيٍّ، ذُو طَبِيعَتَيْنِ إِلَهِيَّةٍ لَمْ تَزَلْ، وَنَاسِيَّةٍ خَلَقَهَا لَهُ وَالْتَحَمَ بِهَا مِنْ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ، فَقِوَامُهُ ذَلِكَ قِوَامُ الطَّبِيعَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالطَّبِيعَةِ النَّاسِيَّةِ، جَامِعًا لَهُمَا بِلَا اخْتِلَاطٍ وَلَا فَسَادٍ، وَلَا فُرْقَةِ انْقِطَاعٍ، لَمْ يَزَلْ قِوَامَ الطَّبِيعَةِ الْإِلَهِيَّةِ، ثُمَّ هُوَ قِوَامُ الطَّبِيعَةِ النَّاسِيَةِ، قَدْ خَلَقَهَا وَكَوَّنَهَا وَقَوَّمَهَا بِقِوَامِهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُقِيمُ إِلَّا بِهِ، وَلَمْ يُعْرَفْ إِلَّا لَهُ.

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ - بَعْدَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَنَاقَضَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>