يَقُولُونَ: إِنَّ الْمَسِيحَ وَكُلَّ أَحَدٍ إِذَا ضُرِبَ وَصُفِعَ وَصُلِبَ فَتَأَلَّمَ بَدَنُهُ، تَأَلَّمَتْ نَفْسُهُ أَيْضًا.
فَإِنْ كَانَ الْأَلَمُ مَعَ نَفْسِ الْمَسِيحِ وَجَسَدِهِ، كَالنَّفْسِ مَعَ الْجَسَدِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ يَتَأَلَّمُ بِتَأَلُّمِ النَّاسُوتِ، وَيَجُوعُ بِجُوعِهِ وَيَشْبَعُ بِشِبَعِهِ، فَإِنَّ أَلَمَ الْجُوعِ وَلَذَّةَ الشِّبَعِ يَحْصُلُ لِلنَّفْسِ إِذَا جَاعَ الْبَدَنُ وَشَبِعَ.
وَأَيْضًا فَالْمَسِيحُ عِنْدَهُمْ إِلَهٌ تَامٌّ، وَإِنْسَانٌ تَامٌّ، وَالْإِلَهُ إِلَهٌ قَبْلَ الِاتِّحَادِ، وَالْإِنْسَانُ إِنْسَانٌ قَبْلَ الِاتِّحَادِ.
فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُمَا بَعْدَ الِاتِّحَادِ إِلَهٌ تَامٌّ كَمَا كَانَ، وَإِنْسَانٌ تَامٌّ كَمَا كَانَ.
فَنَظِيرُ هَذَا، أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ الْمُرَكَّبُ مِنْ بَدَنٍ وَنَفْسٍ، نَفْسًا تَامَّةً وَبَدَنًا تَامًّا، وَأَنْ تَكُونَ الْحَدِيدَةُ الْمُحَمَّاةُ، حَدِيدًا تَامًّا وَنَارًا تَامَّةً، وَهُوَ بَاطِلٌ، بَلِ الْإِنْسَانُ مُرَكَّبٌ مِنْ نَفْسٍ وَبَدَنٍ، وَالْإِنْسَانُ اسْمٌ لِمَجْمُوعٍ، لَيْسَ الْإِنْسَانُ رُوحًا وَالْإِنْسَانُ بَدَنًا.
فَلَوْ كَانَ الِاتِّحَادُ حَقًّا، لَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَسِيحَ نِصْفُهُ لَاهُوتٌ، وَنِصْفُهُ نَاسُوتٌ، وَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذَا وَهَذَا.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَسِيحَ نَفْسَهُ إِنْسَانٌ تَامٌّ، وَالْمَسِيحَ نَفْسَهُ إِلَهٌ تَامٌّ، فَإِنَّ تَصَوُّرَ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى الْوَجْهِ التَّامِّ يُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، حَيْثُ جَعَلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute