وَلَا نَارًا مَحْضَةً، وَلَا مَجْمُوعَ حَدِيدٍ مَحْضٍ، وَنَارٍ مَحْضَةٍ، بَلْ جَوْهَرٌ ثَالِثٌ مُسْتَحِيلٌ مِنْ حَدِيدٍ وَنَارٍ، كَسَائِرِ مَا يَسْتَحِيلُ بِالِاتِّحَادِ وَالِاخْتِلَاطِ إِلَى حَقِيقَةٍ ثَالِثَةٍ.
فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذَا اتَّحَدَا وَاخْتَلَطَا وَصَارَا شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ أَنْ يَكُونَا كَثِيفَيْنِ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَثِيفًا وَالْآخَرُ لَطِيفًا، لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ التَّغَيُّرِ وَالِاسْتِحَالَةِ مَا يُوجِبُ الِاتِّحَادَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَّحِدُ الْمُخْتَلِطُ الْمُرَكَّبُ مِنْهُمَا شَيْئًا ثَالِثًا، لَيْسَ هُوَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَلَا هُوَ مَجْمُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حَالِهِ.
فَقَوْلُهُمْ: (إِنَّهُ مَعَ الِاتِّحَادِ إِنْسَانٌ تَامٌّ وَإِلَهٌ تَامٌّ) ، كَلَامٌ فَاسِدٌ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ.
وَكُلَّمَا ضَرَبُوا لَهُ مَثَلًا، كَانَ الْمَثَلُ حُجَّةً عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ، بَلْ مَعَ الِاتِّحَادِ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ تَامٍّ وَلَا إِلَهٍ تَامٍّ، لَكِنَّهُ شَيْءٌ ثَالِثُ مُرَكَّبٌ مِنْ إِنْسَانٍ اسْتَحَالَ وَتَغَيَّرَ، وَإِلَهٍ اسْتَحَالَ وَتَغَيَّرَ.
وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ بَاطِلًا - بَلْ إِنْسَانِيَّةُ الْمَسِيحِ بَاقِيَةٌ تَامَّةٌ، كَمَا كَانَتْ لَمْ تَسْتَحِلْ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ بَاقٍ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ، لَمْ يَسْتَحِلْ وَلَمْ يَتَّصِفْ بِشَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَا اسْتَحَالَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ - كَانَ قَوْلُهُمْ ظَاهِرَ الْفَسَادِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute