للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْلِيلُ كُلِّ مَا حُرِّمَ، بَلْ قَالَ: (مَا طَهَّرَهُ اللَّهُ فَلَا تُنَجِّسْهُ) وَمَا نَجَّسَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، فَقَدْ نَجَّسَهُ وَلَمْ يُطَهِّرْهُ، إِلَّا أَنْ يَنْسَخَهُ الْمَسِيحُ. وَالْحَوَارِيُّ لَمْ يُبِحْ لَهُمُ الْخِنْزِيرَ وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ إِنْ كَانَ قَوْلُهُ مَعْصُومًا، كَمَا يَظُنُّونَ.

وَالْمَسِيحُ لَمْ يُحِلَّ كُلَّ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَإِنَّمَا أَحَلَّ بَعْضَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا كَانَ هَذَا مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي قِتَالِ النَّصَارَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ لَعْنِ بَعْضِ طَوَائِفِ النَّصَارَى لِبَعْضٍ فِي مَجَامِعِهِمُ السَّبْعَةِ وَغَيْرِ مَجَامِعِهِمْ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ، وَيُصَدِّقُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: ١٤]

وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ هَؤُلَاءِ: (مَنْ خَالَفَنَا لَعَنَّاهُ) كَلَامٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، فَإِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ لَاعِنَةٌ مَلْعُونَةٌ.

فَلَيْسَ فِي لَعْنَتِهِمْ لِمَنْ خَالَفَهُمْ إِحْقَاقُ حَقٍّ وَلَا إِبْطَالُ بَاطِلٍ، وَإِنَّمَا يَحِقُّ الْحَقُّ بِالْبَرَاهِينِ وَالْآيَاتِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>