للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ٢١٣] .

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا ذَكَرَهُ " سَعِيدُ بْنُ الْبِطْرِيقِ " مِنْ أَخْبَارِهِمْ، أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي الْبَتْرَكُ الْعَظِيمُ مِنْهُمْ إِلَى كَنِيسَةٍ مَبْنِيَّةٍ لِصَنَمٍ مِنَ الْأَصْنَامِ يَعْبُدُهُ الْمُشْرِكُونَ، فَيَحْتَالُ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ يَعْبُدُونَ مَكَانَ الصَّنَمِ مَخْلُوقًا أَعْظَمَ مِنْهُ، كَمَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَوْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا كَانَ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ كَنِيسَةٌ فِيهَا صَنَمٌ اسْمُهُ " مِيكَائِيلُ " فَجَعَلَهَا النَّصَارَى كَنِيسَةً بِاسْمِ " مِيكَائِيلَ الْمَلَكِ " وَصَارُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَكَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الصَّنَمَ وَيَذْبَحُونَ لَهُ.

وَهَذَا نَقْلٌ لَهُمْ مِنَ الشِّرْكِ بِمَخْلُوقٍ إِلَى الشِّرْكِ بِمَخْلُوقٍ أَعْلَى مِنْهُ، أُولَئِكَ كَانُوا يَبْنُونَ الْهَيَاكِلَ وَيَجْعَلُونَ فِيهَا الْأَصْنَامَ بِأَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ، كَالشَّمْسِ وَالزُّهَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

فَنَقَلَهُمْ الْمُبْتَدِعُونَ مِنَ النَّصَارَى إِلَى عِبَادَةِ بَعْضِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٧٩ - ٨٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>