فَتَنْكَسِرُ الْأُخْرَى، كَمَا يُعْرَفُ فِي سَائِرِ صُوَرِ الِاتِّحَادِ؛ إِذَا اتَّحَدَ هَذَا مَعَ هَذَا كَسَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا قُوَّةَ الْآخَرِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ.
كَمَا إِذَا اتَّحَدَ الْمَاءُ الْبَارِدُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، انْكَسَرَتْ قُوَّةُ الْحَرِّ وَقُوَّةُ الْبَرْدِ عَمَّا كَانَتْ، فَيَبْقَى الْمُتَّحِدُ مَرْتَبَةً مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْبَرْدِ الْمَحْضِ وَالْحَرِّ الْمَحْضِ.
وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَاللَّبَنُ وَسَائِرُ صُوَرِ الِاتِّحَادِ.
وَعَلَى هَذَا، فَيَجِبُ إِذَا اتَّحَدَ أَنْ تَتَغَيَّرَ قُوَّةُ اللَّاهُوتِ وَطَبِيعَتُهُ وَمَشِيئَتُهُ عَمَّا كَانَتْ، وَتَنْكَسِرُ قُوَّةُ النَّاسُوتِ وَطَبِيعَتُهُ وَمَشِيئَتُهُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَيَبْقَى هَذَا الْمُتَّحِدُ مُمْتَزِجًا مِنْ لَاهُوتٍ وَنَاسُوتٍ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ اللَّاهُوتِ عَمَّا كَانَ، وَبُطْلَانَ كَمَالِهِ، كَمَا أَنَّهُ يُوجِبُ مِنْ كَمَالِ النَّاسُوتِ مَا لَمْ يَكُنْ.
فَكُلُّ مَا يَصِفُونَ بِهِ النَّاسُوتَ مِنِ اتِّحَادِ اللَّاهُوتِ بِهِ، فَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ مِنْ نَقْصِ اللَّاهُوتِ وَسَلْبِ كَمَالِهِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ وَبُطْلَانِ صِفَاتِهِ التَّامَّةِ - بِحَسَبِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّاسُوتِ بِحُكْمِ الِاتِّحَادِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ اللَّاهُوتُ كَمَا كَانَ، فَلَا اتِّحَادَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، بَلِ النَّاسُوتُ كَمَا كَانَ.
ثُمَّ هُمَا اثْنَانِ لَمْ يَتَّحِدْ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ، وَلَا صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا.
وَأَيْضًا فَمَعَ كَوْنِ الْجَوْهَرِ وَاحِدًا، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَشِيئَتُهُ وَاحِدَةً وَطَبِيعَتُهُ وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَشِيئَتَيْنِ، لَكَانَ مَحَلَّ إِحْدَى الْمَشِيئَتَيْنِ، إِنْ كَانَ هُوَ مَحَلُّ الْأُخْرَى مَعَ تَضَادِّ مُوجَبِ الْمَشِيئَتَيْنِ، لَزِمَ اجْتِمَاعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute