للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضِّدَّيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

فَإِنَّ الْإِرَادَةَ النَّاسُوتِيَّةَ تَطْلُبُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ، وَأَنْ تَعْبُدَ وَتَصُومَ وَتُصَلِّي.

وَاللَّاهُوتِيَّةُ، تُوجِبُ امْتِنَاعَهُ مِنْ إِرَادَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

وَإِرَادَتُهُ أَنْ يَخْلُقَ وَيَرْزُقَ وَيُدَبِّرَ الْعَالَمَ. وَالنَّاسُوتِيَّةُ تَمْتَنِعُ مِنْ هَذِهِ الْإِرَادَةِ.

فَإِذَا قَامَتِ الْإِرَادَتَانِ وَالْكَرَاهَتَانِ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجَوْهَرُ الْمَوْصُوفُ بِهَذَا وَهَذَا مُرِيدًا لِلشَّيْءِ مُمْتَنِعًا مِنْ إِرَادَتِهِ غَيْرَ مُرِيدٍ لَهُ كَارِهًا لِلشَّيْءِ غَيْرَ كَارِهٍ لَهُ، وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ.

وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقُومَ بِالْمَوْصُوفِ الْوَاحِدِ إِرَادَتَانِ جَازِمَتَانِ بِالشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ، أَوْ كَرَاهَتَانِ جَازِمَتَانِ لِلشَّيْءِ أَوْ نَقِيضِهِ، وَالْفِعْلُ لَا يَقَعُ إِلَّا بِإِرَادَةٍ جَازِمَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَاللَّاهُوتُ مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمَتَى شَاءَ شَيْئًا مَشِيئَةً جَازِمَةً، فَإِنَّهُ عَلَى مَا شَاءَ قَادِرٌ.

وَالنَّاسُوتُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ خَصَائِصِ الْبَشَرِيَّةِ حَتَّى يُرِيدَ ذَلِكَ إِرَادَةً جَازِمَةً.

وَالنَّاسُوتُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُرِيدَ إِرَادَةَ اللَّاهُوتِ وَيَكْرَهَ ذَلِكَ، فَيَصِيرَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مُرِيدًا لِلشَّيْءِ إِرَادَةً جَازِمَةً، قَادِرًا عَلَيْهِ لَيْسَ مُرِيدًا لَهُ إِرَادَةً جَازِمَةً، بَلْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>