للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَلْزَمُ أَيْضًا إِذَا كَانَا جَوْهَرًا وَاحِدًا وَقَدْ وُلِدَ، وَصُفِعَ وَضُرِبَ وَصُلِبَ وَمَاتَ وَتَأَلَّمَ، أَنْ يَكُونَ نَفْسُ اللَّاهُوتِ ضُرِبَ وَصُلِبَ وَمَاتَ وَتَأَلَّمَ، كَمَا تَقُولُهُ الْيَعْقُوبِيَّةُ، وَهَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ النَّصَارَى وَهُوَ مُوجَبُ عَقِيدَةِ إِيمَانِهِمْ.

فَإِنْ قَالُوا: بَلْ هُمَا جَوْهَرَانِ مَعَ كَوْنِهِمَا عِنْدَهُمْ شَخْصًا وَاحِدًا لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمَلَكِيَّةِ، كَانَ هَذَا كَلَامًا مُتَنَاقِضًا، فَإِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ الَّذِي لَا تَعَدُّدَ فِيهِ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ، وَلِهَذَا حُدَّ بِأَنَّهُ جِسْمٌ.

وَإِنْ شَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّفْسِ مَعَ الْجَسَدِ لَزِمَهُمُ الْمَحْدُودُ.

فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَمَا يُقَالُ فِيهِ: إِنَّهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ جَوْهَرٌ وَاحِدٌ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الِاتِّحَادِ، وَلِهَذَا يُحَدُّ بِأَنَّهُ جِسْمٌ حَسَّاسٌ تَامٌّ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ نَاطِقٌ، هَذَا يَتَنَاوَلُ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ، وَلِلنَّفْسِ وَالْبَدَنِ مَشِيئَةٌ وَاحِدَةٌ.

وَمَتَى شَاءَ الْإِنْسَانُ الْفِعْلَ مَشِيئَةً جَازِمَةً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَعَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ جَوْهَرٌ آخَرُ لَهُ مَشِيئَةٌ غَيْرَ مَشِيئَتِهِ.

فَإِذَا شَبَّهُوا اتِّحَادَ اللَّاهُوتِ بِالنَّاسُوتِ بِهَذَا، لَزِمَهُمْ أَنْ يَكُونَا جَوْهَرًا وَاحِدًا وَمَشِيئَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا قَوْلُ الْيَعْقُوبِيَّةِ.

وَلِهَذَا تَأْلَمُ النَّفْسُ بِمَا يَحْدُثُ فِي الْجَسَدِ مِنَ الْآلَامِ، وَيَتَأَلَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>