للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْقُولَاتِ حَتَّى جَعَلَتْ مَا لَيْسَ مَعْقُولًا مِنَ الْمَعْقُولِ، وَقَدَّمَتْهُ عَلَى الْحِسِّ وَنُصُوصِ الرَّسُولِ.

وَطَائِفَةٌ جَفَتْ عَنْهُ، فَرَدَّتِ الْمَعْقُولَاتِ الصَّرِيحَةَ وَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا مَا ظَنَّتْهُ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ وَالْحِسِّيَّاتِ.

وَهَكَذَا النَّاسُ فِي السَّمْعِيَّاتِ نَوْعَانِ، وَكَذَلِكَ هُمْ فِي الْحِسِّيَّاتِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ نَوْعَانِ.

فَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

بِخِلَافِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّهُ مُخْتَلِفٌ مُتَنَاقِضٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: ٧]

وَإِنَّ مَا عُلِمَ بِمَعْقُولٍ صَرِيحٍ، لَا يُخَالِفُهُ قَطُّ، لَا خَبَرٌ صَحِيحٌ وَلَا حِسٌّ صَحِيحٌ.

وَكَذَلِكَ مَا عُلِمَ بِالسَّمْعِ الصَّحِيحِ، لَا يُعَارِضُهُ عَقْلٌ وَلَا حِسٌّ.

وَكَذَلِكَ مَا عُلِمَ بِالْحِسِّ الصَّحِيحِ، لَا يُنَاقِضُهُ خَبَرٌ وَلَا مَعْقُولٌ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا، الْكَلَامُ مَعَ مَنْ يُعَارِضُ الْمَعْقُولَاتِ بِسَمْعٍ أَوْ حِسٍّ.

فَنَقُولُ: لَفْظُ (الْمَعْقُولِ) يُرَادُ بِهِ الْمَعْقُولُ الصَّرِيحُ الَّذِي يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِفِطَرِهِمُ الَّتِي فُطِرُوا عَلَيْهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَقَّاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>