للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ نَقَلَ لَفْظَ التَّوْرَاةِ أَوِ الْإِنْجِيلِ أَوِ الْقُرْآنِ أَوْ أَلْفَاظَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، لَمْ نُطَالِبْهُ بِبَيَانِ مَعْنَاهُ.

بِخِلَافِ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ فَهِمَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ فَهِمْتَ مَا قَالُوهُ، فَهُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ عَبَّرُوا عَنْهُ بِعِبَارَةٍ وَعَبَّرْتَ عَنْهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَالتُّرْجُمَانِ، فَهَذَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ وَيَفْقَهُهُ.

وَإِنْ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَفْهَمْ كَلَامَهُمْ، أَوْ لَمْ أَفْهَمْ مَا قُلْتُهُ، فَقَدِ اعْتَرَفَ بِجَهْلِهِ وَضَلَالِهِ، وَأَنَّهُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَفْهَمُوا كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَلَمْ يَفْقَهُوا مَا قَالُوهُ هُمْ.

فَلَوْ قَالُوا: لَمْ نَفْهَمْ كَلَامَ الْأَنْبِيَاءِ وَسَكَتُوا، لَكَانُوا أُسْوَةَ أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْجُهَّالِ بِمَعَانِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَأَمَّا إِذَا وَضَعُوا عِبَارَةً وَكَلَامًا ابْتَدَعُوهُ، وَأَمَرُوا النَّاسَ بِاعْتِقَادِهِ، وَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّوْحِيدُ، وَقَالُوا: إِنَّا مَعَ هَذَا لَا نَتَصَوَّرُ مَا قُلْنَاهُ وَلَا نَفْقَهُهُ وَلَا نَعْقِلُهُ، فَهَؤُلَاءِ مِنَ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَيَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى كُتُبِ اللَّهِ وَأَنْبِيَاءِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، بَلْ يَقُولُونَ الْكَذِبَ الْمُفْتَرَى وَالْكُفْرَ الْوَاضِحَ، وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إِنَّا لَا نَعْقِلُهُ، وَهَذَا حَالُ النَّصَارَى بِلَا رَيْبٍ.

وَهَذَا الْمَوْضِعُ غَلِطَ فِيهِ طَائِفَتَانِ مِنَ النَّاسِ: غَالِيَةٌ غَلَتْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>