للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا اخْتِصَاصَ فِيهِ وَلَا قَيْدَ الْبَتَّةَ) فَلَا يُتَنَازَعُ فِي هَذَا، كَمَا قَدْ يُنَازِعَهُ بَعْضُ النَّاسِ.

لَكِنْ يُقَالُ لَهُ: مَنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّ هَذَا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ فَإِنَّ كَوْنَ مَا شَهِدْتَهُ بِقَلْبِكَ هُوَ اللَّهُ، أَمْرٌ لَا يُدْرَكُ بِحِسِّ الْقَلْبِ، وَإِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّهُ حَصَلَ لَكَ فِي الْكَشْفِ مَا يُنَاقِضُ صَرِيحَ الْعَقْلِ، عُلِمَ أَنَّكَ غَالِطٌ، كَمَا قَالَ شَيْخُ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ التِّلْمِسَانِيُّ:

يَا صَاحِبِي أَنْتَ تَنْهَانِي وَتَأْمُرُنِي ... وَالْوَجْدُ أَصْدَقُ نَهَّاءٍ وَأَمَّارِ

فَإِنْ أُطِعْكَ وَأَعْصِ الْوَجْدَ عُدْتُ عَمًى ... عَنِ الْعِيَانِ إِلَى أَوْهَامِ أَخْبَارِ

وَعَيْنُ مَا أَنْتَ تَدْعُونِي إِلَيْهِ إِذَا ... حَقَّقْتَ فِيهِ تَرَاهُ النَّهْيَ يَا جَارِ

فَيُقَالُ لَهُ: وَجْدُكَ وَذَوْقُكَ لَمْ يُفِدْكَ إِلَّا شُهُودَ وُجُودٍ مُطْلَقٍ بَسِيطٍ، لَكِنْ مِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّ هَذَا هُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ بَلْ مِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّ هَذَا ثَابِتٌ فِي الْخَارِجِ عَنْ نَفْسِكَ كُلِّيًّا مُطْلَقًا مُجَرَّدًا؟ بَلْ إِنَّمَا تَشْهَدُهُ كُلِّيًّا مُطْلَقًا مُجَرَّدًا فِي نَفْسِكَ.

وَلَسْتَ تَعْلَمُ بِحِسٍّ وَلَا عَقْلٍ وَلَا خَبَرٍ أَنَّ هَذَا هُوَ فِي الْخَارِجِ.

كَمَا أَنَّ النَّائِمَ إِذَا شَهِدَ حِسُّهُ الْبَاطِنُ أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَقِينٌ أَنَّ هَذَا فِي الْخَارِجِ.

فَإِذَا عَادَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ عَلِمَ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي خَيَالِهِ فِي الْمَنَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>