للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: " «فَبِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي وَبِكَ الثَّوَابُ وَعَلَيْكَ الْعِقَابُ» " فَجَعَلَ بِهِ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الْأَرْبَعَةَ.

وَعِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَقْلَ صَدَرَ عَنْهُ جَمِيعُ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ (الْعَقْلِ) فِي الْحَدِيثِ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَوْ ضَعِيفًا، هُوَ الْعَقْلُ فِي لُغَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، هُوَ عَقْلُ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ عَرَضٌ قَائِمٌ بِهِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْإِنْسَانِ، لَيْسَ هُوَ جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ.

وَالْعَقْلُ فِي لُغَةِ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ هُوَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا النَّفْسُ الْفَلَكِيَّةُ، فَلَهُمْ فِيهَا قَوْلَانِ: قِيلَ: إِنَّهَا عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْفَلَكِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ. وَقِيلَ: بَلْ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا يَمِيلُ ابْنُ سِينَاءَ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ هَؤُلَاءِ النَّصَارَى أَنَّ ثَمَّ جَوْهَرًا لَطِيفًا، غَيْرَ الْجَوْهَرِ الْكَثِيفِ، وَمَثَّلُوا ذَلِكَ بِالنَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَالضَّوْءِ، ثُمَّ لَمْ يُقِيمُوا عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلًا، وَلَا دَلِيلَ مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ، فَإِنَّ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ وَالْعُقُولَ الْعَشَرَةَ لَمْ يَنْطِقْ بِهَا كِتَابٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>