للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا رَسُولٌ، بَلْ وَلَا دَلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ، وَأَدِلَّةُ الْمُتَفَلْسِفَةِ عَلَيْهَا ضَعِيفَةٌ. وَإِنَّمَا دَلَّ الْعَقْلُ عَلَى مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَمَلُوا كَلَامَ الرُّسُلِ عَلَى مَا يُوَافِقُ قَوْلَ الْمُتَفَلْسِفَةِ يَجْعَلُونَ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، هُوَ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ، كَمَا يَجْعَلُونَ الْعَقْلَ وَالْقَلَمَ هُوَ الْعَقْلَ الْأَوَّلَ وَالْعَرْشَ هُوَ الْفَلَكَ التَّاسِعَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

وَإِذْ لَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً شَرْعِيَّةً وَلَا عَقْلِيَّةً عَلَى مَا مَثَّلُوا بِهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ اللَّطِيفَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ الْجَوْهَرَ مَا يَشْغَلُ حَيِّزًا وَيَقْبَلُ عَرَضًا. وَلَمَّا قَرَنُوا النَّفْسَ بِالْعَقْلِ، كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ.

فَأَمَّا إِنْ أَرَادُوا النَّفْسَ الْإِنْسَانِيَّةَ فَهَذِهِ ثَابِتَةٌ، أَخْبَرَتْ بِهَا الرُّسُلُ وَأَتْبَاعُهُمْ، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ. لَكِنَّ هَذِهِ لَا تُقْرَنُ بِالْعَقْلِ الَّذِي هُوَ جَوْهَرٌ. وَالْعَقْلُ صِفَةُ هَذِهِ وَهُوَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلًا. وَقَدْ يُرَادُ بِالْعَقْلِ غَرِيزَةٌ قَائِمَةٌ بِهَا، وَيُرَادُ بِالْعَقْلِ الْعَمَلُ بِالْعِلْمِ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُمْ: " وَجَوْهَرُ الضَّوْءِ " فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنْ أَرَدْتُمْ بِالضَّوْءِ نَفْسَ الشَّمْسِ وَالنَّارِ فَهَذَا جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ؛ يَشْغَلُ حَيِّزًا، وَيَقْبَلُ عَرَضًا، لَيْسَ هُوَ مِنَ الْجَوَاهِرِ اللَّطِيفَةِ الَّذِي مَثَّلْتُمْ بِهَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>