للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِلْمِ بِأَنَّ مَنْ قَبْلَهُمَا بَشَّرَ بِهِمَا، بَلْ طُرُقُ الْعِلْمِ بِالنُّبُوَّةِ مُتَعَدِّدَةٌ. فَإِذَا عُرِفَتْ نُبُوَّتُهُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ ثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ عِنْدَ مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَنْ قَبْلَهُ بَشَّرَ بِهِ. لَكِنْ يُقَالُ: إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ أَوِ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِخْبَارِ مَنْ قَبْلَهُ بِمَجِيئِهِ وَأَنَّ الْإِشْعَارَ بِنَسْخِ شَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَهُ وَاجِبٌ أَوْ وَاقِعٌ صَارَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي النُّبُوَّةِ، وَمَنْ عَلِمَ نُبُوَّتَهُ عَلِمَ أَنَّ هَذَا قَدْ وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْهِ.

فَإِذَا قَالَ الْمُعَارِضُ: عَدَمُ إِخْبَارِ مَنْ قَبْلَهُ بِهِ يَقْدَحُ فِي نُبُوَّتِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ مَنْ قَبْلَهُ، وَالْإِخْبَارُ شَرْطٌ فِي النُّبُوَّةِ، كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا - قِيلَ: الْجَوَابُ هُنَا مِنْ طَرِيقَيْنِ:.

أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ: إِذَا عُلِمَتْ نُبُوَّتُهُ بِمَا قَامَ عَلَيْهَا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَبْشِيرُ مَنْ قَبْلَهُ لَازِمًا لِنُبُوَّتِهِ وَاجِبًا أَوْ أَوْ وَاقِعًا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَازِمًا.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لَمْ يَجِبْ وُقُوعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ إِلَيْنَا إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ عَلِمْنَاهُ وَوَصَلَ إِلَيْنَا، وَلَيْسَ كُلُّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْمَسِيحُ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَصَلَ إِلَيْنَا، وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ.

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الْمَوْجُودَةِ لَمْ يَلْزَمْ أَنَّ الْمَسِيحَ وَمَنْ قَبْلَهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ، بَلْ يُمْكِنُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ وَمَا نُقِلَ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ كَانَ فِي كُتُبٍ غَيْرِ هَذِهِ، وَيُمَكِنُ أَنَّهُ كَانَ فِي نُسَخٍ غَيْرِ هَذِهِ النُّسَخِ فَأُزِيلَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>