للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبهَا، أَعْظَمُ حَادِثٍ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ؛ فَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ دِينٌ انْتَشَرَ وَدَامَ كَانْتِشَارِهِ وَدَوَامِهِ. فَإِنَّ شَرْعَ مُوسَى، وَإِنْ دَامَ فَلَمْ يَنْتَشِرِ انْتِشَارَهُ وَدَوَامَهُ، بَلْ كَانَ غَايَةُ ظُهُورِهِ بِبَعْضِ الشَّامِ، وَأَمَّا شَرْعُ الْمَسِيحِ فَقَبْلَ، قُسْطَنْطِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُلْكٌ، بَلْ كَانُوا يَكُونُونَ بِبَعْضِ بِلَادِ الرُّومِ وَغَيْرِهَا، وَكَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ تُقْتَلُ أَعْيَانُهُمْ أَوْ عَامَّتُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَلَمَّا انْتَشَرَ تَفَرَّقَ أَهْلُهُ فِرَقًا مُتَبَايِنَةً يُكَفِّرُ فِيهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

ثُمَّ إِنَّ شَرْعَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَهَرَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَفِي وَسَطِ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ؛ الْإِقْلِيمِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ، وَظَهَرَتْ أُمَّتُهُ عَلَى النَّصَارَى فِي أَفْضَلِ الْأَرْضِ وَأَجَلِّهَا عِنْدَهُمْ؛ كَأَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْجَزِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَدَامَ شَرْعُهُ، فَلَهُ الْيَوْمَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِمِائَةِ سَنَةٍ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ لِلنُّبُوَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا لَا بُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>