للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْلَامِهِمْ مَا كَانُوا يَسْمَعُونَهُ مِنْ جِيرَانِهِمْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِهِ وَنَعْتِهِ، وَانْتِظَارِهِمْ إِيَّاهُ، وَأَنَّ مِنْ خِيَارِهِمْ مَنْ لَمْ يُوجِبْ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ أَرْضَ يَثْرِبَ مَعَ شِدَّتِهَا وَيَدَعَ أَرْضَ الشَّامِ مَعَ رَخَائِهَا إِلَّا انْتِظَارُهُ لِهَذَا النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ الَّذِي يُبْعَثُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ.

وَلَمْ يُمْكِنْ أَحَدٌ قَطُّ أَنْ يَنْقِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ أَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا ذِكْرَهُ بِالذَّمِّ وَالتَّكْذِيبِ وَالتَّحْذِيرِ، كَمَا يُوجَدُ ذِكْرُ الدَّجَّالِ. وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِ أَصْحَابِهِ؛ كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَعَدْلِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ، عَنِ الْمَسِيحِ وَغَيْرِهِ، مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ. فَإِذَا كَانَ الَّذِينَ اسْتَخْرَجُوا ذِكْرَهُ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالَّذِينَ سَمِعُوا خَبَرَهُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِنَّمَا يَذْكُرُونَ نَعْتَهُ فِيهَا بِالْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ ذَكَرُوهُ بِالْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِذَمٍّ وَلَا عَيْبٍ.

وَكُلُّ مَنِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ وَمَدَحَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ إِلَّا صَادِقًا فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ، إِذْ يَمْتَنِعُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكْذِبُ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ:

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الأنعام: ٩٣] .

وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَنْبِيَاءُ ذَكَرُوهُ وَأَخْبَرُوا بِهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إِلَّا بِالثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ لَا بِالذَّمِّ وَالْعَيْبِ وَذَلِكَ - مَعَ دَعْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>