شَاعَ ذَلِكَ وَظَهَرَ وَاسْتَفَاضَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.
فَالْكِتَابُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ مَمْلُوءٌ بِشَهَادَةِ الْكُتُبِ لَهُ، وَالْكُتُبُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ شَاهِدَةٌ لَهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَالْأَخْبَارُ مُتَوَاتِرَةٌ عَمَّنْ أَسْلَمَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِيهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي دَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يُخْبِرُ بِكَذِبِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَفِي الْجُمْلَةِ أَمْرُهُ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ وَأَعْجَبُ وَأَبْهَرُ، وَأَخْرُقُ لِلْعَادَةِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ظَهَرَ فِي الْعَالَمِ مِنَ الْبَشَرِ. وَمِثْلُ هَذَا إِذَا كَانَ كَاذِبًا، فَلِكَذِبِهِ لَوَازِمُ كَثِيرَةٌ جِدًّا تَفُوقُ الْحَصْرَ مُتَقَدِّمَةٌ وَمُقَارِنَةٌ وَمُتَأَخِّرَةٌ. فَإِنَّ مَنْ هُوَ أَدْنَى دَعْوَةً مِنْهُ إِذَا كَانَ كَاذِبًا لَزِمَ كَذِبَهُ مِنَ اللَّوَازِمِ مَا يُبَيِّنُ كَذِبَهُ، فَكَيْفَ مِثْلُ هَذَا؟ ! فَإِذَا انْتَفَتْ لَوَازِمُ الْمَكْذُوبِ انْتَفَى الْمَلْزُومُ.
وَصِدْقُهُ لَازِمٌ لِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ كُلِّهَا تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَثُبُوتُ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ اللَّازِمِ مَاضِيهِ وَمُقَارِنِهِ وَمُتَأَخَّرِهِ. وَمُدَّعِي النُّبُوَّةِ لَا يَخْلُو مِنَ الصِّدْقِ أَوِ الْكَذِبِ، وَكُلٌّ مِنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ لَهُ لَوَازِمُ وَمَلْزُومَاتٌ، فَأَدِلَّةُ الصِّدْقِ مُسْتَلْزِمَةٌ لَهُ وَأَدِلَّةُ الْكَذِبِ مُسْتَلْزَمَةٌ لَهُ، وَالصِّدْقُ لَهُ لَوَازِمُ وَالْكَذِبُ لَهُ لَوَازِمُ، فَصِدْقُهُ يُعْرَفُ بِنَوْعَيْنِ: بِثُبُوتِ دَلَائِلِ الصِّدْقِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِصِدْقِهِ، وَبِانْتِفَاءِ لَوَازِمِ الْكَذِبِ الْمُوجِبِ انْتِفَاؤُهَا انْتِفَاءَ كَذِبِهِ، كَمَا أَنَّ كَذِبَ الْكَذَّابِ يُعْرَفُ بِأَدِلَّةِ كَذِبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute