للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُخْبِرْهُ بِشَيْءٍ.

وَمَعَ طَعْنِ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيهِ بِأَنَّهُ بُعِثَ بِالسَّيْفِ، حَتَّى قَدْ يَقُولُوا: إِنَّمَا قَامَ دِينُهُ بِالسَّيْفِ، وَحَتَّى يُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ إِنَّمَا اتَّبَعُوهُ خَوْفًا مِنَ السَّيْفِ، وَحَتَّى يَقُولُوا: إِنَّ الْخَطِيبَ إِنَّمَا يَتَوَكَّأُ عَلَى سَيْفٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَقُومُ الدِّينُ بِالسَّيْفِ، إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ - الَّتِي هِيَ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ كَذِبًا عَلَيْهِ - يَعْرِفُ أَدْنَى النَّاسِ مَعْرِفَةً بِحَالِهِ أَنَّهَا كَذِبٌ، وَهُمْ - مَعَ هَذَا - يَتَشَبَّثُونَ بِهَا.

فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ أَخْبَارٌ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ تُوجِبُ ذَمَّهُ وَالتَّحْذِيرَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ، لَكَانَ إِظْهَارُهُمْ لِذَلِكَ وَاحْتِجَاجُهُمْ بِهِ أَقْوَى وَأَبْلَغَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ فِي الْعَادَةِ اشْتِهَارُهُ بَيْنَ خَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ، قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَكَانَ ظُهُورُ ذَلِكَ فِيهِمْ أَوْلَى مِنْ ظُهُورِ خَبَرِ الدَّجَّالِ فِيهِمْ وَفِي الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ أَعْظَمِ مَا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ وَاشْتِهَارِهِ.

فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يُوجِبُ تَكْذِيبَهُ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَذْكُرَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَتُخْبِرَ بِحَالِهِ، فَإِذَا لَمْ يُخْبِرُوا أَنَّهُ كَاذِبٌ عُلِمَ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا أَنَّهُ نَبِيٌّ صَادِقٌ، كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>