وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُمْ إِمَّا أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ مَوْجُودًا فِي كُتُبِنَا، أَوْ يَقُولَ: إِنَّهُ مَوْجُودٌ بِالْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، لَا يُمْكِنُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقِلَ عَنِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهَا بِالذَّمِّ وَالتَّحْذِيرِ. وَلَوْ كَانَ مَذْكُورًا عِنْدَهُمْ بِالذَّمِّ وَالتَّحْذِيرِ، لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَى أُمَّتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَيَحْتَجُّ بِهِ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ.
فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْبُغْضِ لَهُ وَالْعَدَاوَةِ وَتَكْذِيبِهِ، وَالْحِرْصِ عَلَى إِبْطَالِ أَمْرِهِ، مَا أَوْجَبَ أَنْ يَفْتَرُوا أَشْيَاءَ لَمْ تُوجَدْ، وَيَنْسُبُوا إِلَيْهِ أَشْيَاءَ يَعْرِفُ كَذِبَهَا كُلُّ مَنْ عَرَفَ أَمْرَهُ، حَتَّى آلَ الْأَمْرُ بِبَعْضِهِمْ إِلَى أَنْ فَسَّرُوا قَوْلَ الْمُسْلِمِينَ " اللَّهُ أَكْبَرُ " بِأَنَّ " أَكْبَرَ " صَنَمٌ، وَأَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَهُمْ بِتَعْظِيمِ هَذَا الصَّنَمِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ: إِنَّهُ أَوْجَبَ الزِّنَا عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. عُقُوبَةً لِزَوْجِهَا بِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُهَا حَتَّى يَزْنِيَ بِهَا غَيْرُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ " بُحَيْرَى الرَّاهِبِ " مَعَ عِلْمِ كُلِّ مَنْ عَرَفَ سِيرَتَهُ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ بِ - (بُحَيْرَى) وَحْدَهُ، وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا بَعْضَ نَهَارٍ مَعَ أَصْحَابِهِ، لَمَّا مَرُّوا بِهِ لَمَّا قَدِمُوا الشَّامَ فِي تِجَارَةٍ، وَأَنَّ (بُحَيْرَى) سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَلَمْ يُكَلِّمْهُ إِلَّا كَلِمَاتٍ يَسْتَخْبِرُهُ فِيهَا عَنْ حَالِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute