للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا أَخْبَرَ بِهِ الْمَسِيحَ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا، بَلْ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنَ الْمَسِيحِ، بَيَّنَ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْمَسِيحُ، وَيَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْمَسِيحُ، وَيُخْبِرُ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَبِمَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ حَيْثُ قَالَ: (إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ، وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ ذَاكَ الَّذِي يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْطِقُ مِنْ عِنْدِهِ، بَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَا يَسْمَعُ، وَيُخْبِرُكُمْ بِمَا يَأْتِي، وَيُعَرِّفُكُمْ جَمِيعَ مَا لِلْأَبِ) .

وَهَذِهِ الصِّفَاتُ لَا تَنْطَبِقُ إِلَّا عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ اللَّهِ بِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ، وَعَنْ مَلَائِكَتِهِ، وَعَنْ مَلَكُوتِهِ، وَعَنْ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ لِأَوْلِيَائِهِ، وَفِي النَّارِ لِأَعْدَائِهِ، أَمْرٌ لَا يَحْتَمِلُ عُقُولُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مَعْرِفَتَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ ; وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ".

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُ قَوْمًا بِحَدِيثٍ لَا يَبْلُغُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>