للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُقُولُهُمْ إِلَّا كَانَ فِتْنَةً لِبَعْضِهِمْ ". وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:

{خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] .

قَالَ: " مَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ لَوْ أَخْبَرْتُكَ بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْتَ؟ وَكُفْرُكَ بِهَا تَكْذِيبُكَ بِهَا ". فَقَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ) ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فِي هَذَا ; لِهَذَا لَيْسَ فِي الْإِنْجِيلِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَصِفَاتِ مَلَكُوتِهِ، وَمِنْ صِفَاتِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ، لَيْسَ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ الْآخِرِ إِلَّا أُمُورٌ مُجْمَلَةٌ، مَعَ أَنَّ مُوسَى كَانَ قَدْ مَهَّدَ الْأَمْرَ لِلْمَسِيحِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ: (إِنَّ لِي كَلَامًا كَثِيرًا أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ) ، ثُمَّ قَالَ: (وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ رُوحُ الْحَقِّ ذَلِكَ الَّذِي يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ) ، وَقَالَ: (إِنَّهُ يُخْبِرُكُمْ بِكُلِّ مَا يَأْتِي، وَيُعَرِّفُكُمْ بِجَمِيعِ مَا لِلرَّبِّ) .

فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَارَقْلِيطَ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا دُونَ الْمَسِيحِ، وَكَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْشَدَ النَّاسَ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، حَتَّى أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهِ النِّعْمَةَ ; وَلِهَذَا كَانَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ، وَأَخْبَرَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>