للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشِيعُ، وَلَوْ تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِهِ كَمَا شَاعَ مَا كُتِمَ مِنْ أَمْرِ الدُّوَلِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَلَكَانَ خَوَاصُّهُ فِي الْبَاطِنِ يَعْلَمُونَ كَذِبَهُ، وَكَانَ عِلْمُهُمْ بِذَلِكَ يُنَاقِضُ تَصْدِيقَهُ فِي الْبَاطِنِ كَمَا عُرِفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.

فَكَيْفَ، وَكَانَ أَخَصُّ أَصْحَابِهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِحَالِهِ أَعْظَمَهُمْ مَحَبَّةً وَمُوَالَاةً؟ بِخِلَافِ حَالِ مَنْ يُبْطِنُ خِلَافَ مَا يُظْهِرُ، فَإِنَّ خَوَاصَّ أَصْحَابِهِ لَا يُعَظِّمُونَهُ فِي الْبَاطِنِ.

فَإِنَّهُ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ قَوْمَهُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَادِينَ لَهُ غَايَةَ الْعَدَاوَةِ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ الْقَدْحَ فِي نُبُوَّتِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بَشَرٌ يُعَلِّمُهُ مِثْلَ هَذَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْمِهِ وَلَا بَلَدِهِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا.

عَلِمَ النَّاسُ مَا عَلِمَهُ قَوْمُهُ أَنَّ هَذَا أَنْبَأَهُ بِهِ اللَّهُ، وَكَانَ هَذَا مِنْ أَعْلَامِهِ وَآيَاتِهِ وَبَرَاهِينِهِ، وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَأَنَّهُ حِينَ أَخْبَرَ قَوْمَهُ بِهَذَا - مَعَ تَكْذِيبِهِمْ وَفَرْطِ عَدَاوَتِهِمْ لَهُ - لَمْ يُمْكِنْ أَحَدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ لَهُ: بَلْ فِينَا مَنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَأَنْتَ كُنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ، وَقَدْ تَعَلَّمْتَهُ مِنَّا أَوْ مِنْ غَيْرِنَا. فَكَانَ إِقْرَارُهُمْ بِعَدَمِ عِلْمِهِ وَعِلْمِهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>