للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَدْحِ فِي نُبُوَّتِهِ، مَعَ كَمَالِ عِلْمِهِمْ - لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ تَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ بَشَرٍ - لَطَعَنُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَظْهَرُوهُ، فَإِنَّهُمْ - مَعَ عِلْمِهِمْ - بِحَالِهِ يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَعْلَمُوا ذَلِكَ لَوْ كَانَ، وَمَعَ حِرْصِهِمْ عَلَى الْقَدْحِ فِيهِ، يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَقْدَحُوا فِيهِ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَظْهَرَ ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَ عَنْ قَوْمِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْتَمِعُ بِهِ مَنْ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَصُ الْمُتَنَوِّعَةُ قَدْ تَعَلَّمَهَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ - مَعَ عَدَاوَتِهِ لَهُمْ - لَكَانُوا يُخْبِرُونَ بِذَلِكَ، وَيُظْهِرُونَهُ، وَلَوْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ لَنُقِلَ ذَلِكَ وَعُرِفَ، فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْحَوَادِثِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ حَيْثُ بُعِثَ كَانَ النَّاسُ إِمَّا مُشْرِكًا وَإِمَّا كِتَابِيًّا، فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَحَدٌ عَلَى الدِّينِ الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ - مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ - لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ هَذِهِ الْقِصَصَ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ دَعَاهُمْ إِلَى دِينِهِ فَعَادُوهُ وَكَذَّبُوهُ، فَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ عَلَّمَهُ، أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِ لَأَظْهَرَ ذَلِكَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ كَانَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ - وَلَوْ خَوَاصُّ النَّاسِ - وَكَانَ فِي أَصْحَابِهِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>