للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُمْ عَنْ سَمْعِ هَذَا الْكَلَامِ لَمَعْزُولُونَ، بِمَا حُرِسَتْ بِهِ السَّمَاءُ مِنَ الشُّهُبِ كَمَا قَالَ - عَنِ الْجِنِّ -:

{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا - وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: ٨ - ٩] .

وَقَدْ ذَكَرْنَا تَوَاتُرَ هَذَا الْخَبَرِ وَأَنَّ السَّمَاءَ حُرِسَتْ حَرَسًا لَمْ يَعْهَدْهُ النَّاسُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَى النَّاسُ ذَلِكَ بِأَبْصَارِهِمْ فَكَانُوا قَدْ عَايَنُوا مَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ مِنَ الرَّمْيِ بِالشُّهُبِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا لِطَرْدِ الشَّيَاطِينِ، فَعُزِلُوا بِذَلِكَ عَنْ سَمْعِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَكَانَ مَا عَايَنَهُ الْكُفَّارُ - مِنَ الرَّمْيِ الشَّدِيدِ الْعَامِّ - الَّذِي انْتَقَضَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ رَمْيِ الشُّهُبِ، دَلِيلًا عَلَى سَبَبٍ خَارِقٍ لِلْعَادَةِ، وَلَمْ يَحْدُثْ - إِذْ ذَاكَ - فِي الْأَرْضِ أَمْرٌ لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ إِلَّا ادِّعَاءَهُ لِلرِّسَالَةِ، فَلَمْ يُعْرَفْ قَبْلَهُ مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ كَنُزُولِهِ عَلَيْهِ؛ إِذْ كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ التَّوْرَاةُ مَكْتُوبَةً، لَمْ تَنْزِلْ عَلَيْهِ مُنَجَّمَةً مُفَرَّقَةً مُلْقَاةً إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>