للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَدْعُو إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» .

فَالشَّيَاطِينُ تَنْزِلُ عَلَى مَنْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا بِنُزُولِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لَهَا فِي الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ. فَأَمَّا الصَّادِقُ الْبَارُّ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الشَّيَاطِينِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَطْلُبُ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ، وَإِنَّمَا يَطْلُبُ الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ.

وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ قَوْمُهُ يَعْرِفُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالصَّادِقِ الْأَمِينِ، لَمْ تُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبَةٌ وَاحِدَةٌ. وَلَمَّا جَاءَهُ الرُّوحُ بِالْوَحْيِ لَمْ يُخْبِرْ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ كَذِبٍ، لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً.

وَمَنْ تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ لَا بُدَّ أَنْ يُخْبِرَ بِالْكَذِبِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يُلْقُونَ إِلَيْهِمُ السَّمْعَ، وَلَا يُلْقُونَ إِلَيْهِمْ مَا سَمِعُوهُ عَلَى وَجْهِهِ، بَلْ يَكْذِبُونَ فِيهِ كَثِيرًا ; إِذْ كَانَ أَكْثَرُ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَيْهِمْ كَاذِبِينَ فِيمَا يَنْزِلُونَ بِهِ عَلَيْهِمْ. وَالشَّيَاطِينُ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ كَاذِبًا - فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ أَلْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>